والتزويج قرن الشيء بشيء آخر فيصيران زوجاً .ومن مجازه إطلاقه على إنكاح الرجل امرأة لأنهما يصيران كالزوج ،والمراد هنا: جعلهم زوجاً في الهبة ،أي يجمع لمن يشاء فيهب له ذكراناً مشفَّعين بإناث فالمراد التزويج بصنف آخر لا مقابلة كل فرد من الصنف بفَرد من الصنف الآخر .
والضمير في{ يزوجهم} عائد إلى كلاً من الإناث والذكور .وانتصب{ ذكراناً وإناثاً} على الحال من ضمير الجمع في{ يزوجهم} .
والعقيم: الذي لا يولد له من رجل أو امرأة ،وفعله عَقِم من باب فرِح وعقُم من باب كرم .وأصل فعله أن يتعدّى إلى المفعول يقال عقمها الله من باب ضرب ،ويقال عُقِمت المرأة بالبناء للمجهول ،أي عقَمها عاقم لأن سبب العقم مجهول عندهم .فهو مما جاء متعدياً وقاصراً ،فالقاصر بضم القاف وكسرها والمتعدي بفتحها ،والعقيم: فعيل بمعنى مفعول ،فلذلك استوى فيه المذكر والمؤنث غالباً ،وربما ظهرت التاء نادراً قالوا: رحم عقيمة .
{ إِنَّهُ عَلِيمٌ قدير} .
جملة في موضع العلة للمبدل منه وهو{ يخلق ما يشاء} فموقع ( إنّ ) هنا موقع فاء التفريع .والمعنى: أن خلقه ما يشاء ليس خلقاً مهملاً عرياً عن الحكمة لأنه واسع العلم لا يفوته شيء من المعلومات فخلقه الأشياء يجري على وفق علمه وحكمته .وهو{ قدير} نافذ القدرة ،فإذا علم الحكمة في خلق شيء أراده ،فجرى على قَدَره .ولمّا جمع بين وصفي العلم والقدرة تعين أن هنالك صفة مطوية وهي الإرادة لأنه إنما تتعلق قدرته بعد تعلق إرادته بالكائن .
وتفصيلُ المعنى: أنه عليم بالأسباب والقُوى والمؤثرات التي وضعها في العوالم ،وبتوافق آثار بعضها وتخالف بعض ،وكيف تتكون الكائنات على نحو ما قُدِّر لها من الأوضاع ،وكيف تتظاهر فتأتي الآثار على نسق واحد ،وتتمانع فينقص تأثير بعضها في آثاره بسبب ممانعة مؤثراتتٍ أخرى ،وكل ذلك من مظاهر علمه تعالى في أصل التكوين العالمي ومظاهر قدرته في الجري على وفاق علمه .