تفريع على جملة{ أن هؤلاء قوم مجرمون}[ الدخان: 22] ،والمفرَّع قول محذوف دلت عليه صيغة الكلام ،أي فدعا فقلنا: اسْرِ بعبادي .وقرأه نافع وابن كثير وأبو جعفر{ فاسْرِ} بهمزة وصل على أنه أمر من ( سرى ) ،وقرأه الباقون بهمزة قطع من ( أسرى ) يقال: سرَى وَأَسْرى .وقد تقدم عند قوله تعالى:{ سبحان الذي أسرى بعبده}[ الإسراء: 1] فتقييده بزمان الليل هنا نظير تقييده في سورة الإسراء ،والمقصود منه تأكيد معنى الإسراء بأنه حقيقة وليس مستعملاً مجازاً في التبكير بناءً على أن المتعارف في الرحيل أن يكون فجْراً .
وفائدة التأكيد أن يكون له من سعة الوقت ما يَبلغون به إلى شاطىء البحر الأحمر قبل أن يدركهم فرعون بجنوده .
وجملة{ إنكم متبعون} تقيد تعليلاً للأمر بالإسراء ليلاً لأنه مما يستغرب ،أي أنكم متَّبعون فأردنا أن تقطعوا مسافة يتعذّر على فرعون لحاقكم .وتأكيد الخبر ب ( إنَّ ) لتنزيل غير السائل منزلة السائل إذَا قُدّم إليْه ما يلوِّح له بالخبر فيستشرفُ له استشرافَ المتردد السائل ،على حد قوله تعالى:{ ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون}[ هود: 37] .
وأسند الإتباع إلى غير مذكور لأنه من المعلوم أن الذي سيتبعهم هو فرعون وجنوده .