والسنة: الطريقة والعادة .
وانتصب{ سنة اللَّه} نِيابة عن المفعول المطلق الآتي بدلاً من فعله لإفادة معنى تأكيد الفعل المحذوف .والمعنى: سن الله ذلك سُنة ،أي جعله عادة له ينصر المؤمنين على الكافرين إذا كانت نية المؤمنين نصر دين الله كما قال تعالى:{ يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}[ محمد: 7] وقال:{ ولينصرن الله من ينصره}[ الحج: 40] ،أي أنّ الله ضمن النصر للمؤمنين بأن تكون عاقبة حروبهم نصراً وإن كانوا قد يُغلبون في بعض المواقع كما وقع يوم أحد وقد قال تعالى:{ والعاقبة للمتقين}[ القصص: 83] وقال:{ والعاقبة للتقوى}[ طه: 132] .
وإنما يكون كمال النصر على حسب ضرورة المؤمنين وعلى حسب الإيمان والتقوى ،ولذلك كان هذا الوعد غالباً للرسُول ومن معه فيكون النصر تاماً في حالة الخطر كما كان يوم بدر ،ويكون سجالاً في حالة السعة كما في وقعة أحد وقد دل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر:"اللهم إن تَهلِك هذه العصابة لا تعبَد في الأرض"وقال الله تعالى:{ قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين}[ الأعراف: 128] ،ويكون لمن بعد الرسول صلى الله عليه وسلم من جيوش المسلمين على حسب تمسكهم بوصايا الرسول صلى الله عليه وسلم ففي « صحيح البخاري » عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم"يأتي زمان يغزُو فآمٌ من الناس فيقال: فيكم من صحب النبي ؟فيقال: نعم ،فيفتحُ عليه ،ثم يأتي زمان فيُقال: فيكم من صحب أصحاب النبي ؟فيقال: نعم فيفتح ثم يأتي زمان فيقال: فيكم من صَحِب من صَاحَبَ النبي ؟فيقال: نعم فيُفتحُ"
ومعنى{ خلت} مضت وسبقت من أقدم عصور اجتلاد الحق والباطل ،والمضاف إليه{ قبلُ} محذوف نُوِي معناه دون لفظه ،أي ليس في الكلام دال على لفظه ولكن يدل عليه معنى الكلام ،فلذلك بُني{ قبلُ} على الضم .وفائدة هذا الوصف الدلالة على اطرادها وثباتها .
والمعنى: أن ذلك سنة الله مع الرسل قال تعالى:{ كتب الله لأغلِبنّ أنا ورسلي إن الله قوي عزيز}[ المجادلة: 21] .
ولما وصف تلك السنة بأنها راسخة فيما مضى أعقب ذلك بوصفها بالتحقق في المستقبل تعميماً للأزمنة بقوله:{ ولن تجد لسنة اللَّه تبديلاً} لأن اطراد ذلك النصر في مختلف الأمم والعصور وإخبارَ الله تعالى به على لسان رسله وأنبيائه يدل على أن الله أراد تأييد أحزابه فيعلم أنه لا يستطيع كائن أن يحول دون إرادة الله تعالى .