قوله:{ وكلوا ممّا رزقكم الله حلالاً طيّباً} تأكيد للنهي عن تحريم الطّيبات وهو معطوف على قوله:{ لا تحرّموا طيّبات ما أحلّ الله لكم} أي أنّ الله وسّع عليكم بالحلال فلا تعتدوه إلى الحرام فتكفروا النعمة ولا تتركوه بالتحريم فتُعرضوا عن النعمة .
واقتُصِر على الأكل لأنّ معظم ما حرّمه الناس على أنفسهم هو المآكل .وكأنّ الله يعرّض بهم بأنّ الاعتناء بالمهمّات خير من التهمّم بالأكل ،كما قال{ ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا}[ المائدة: 93] الآية .وبذلك أبطل ما في الشرائع السابقة من شدّة العناية بأحكام المأكولات .وفي ذلك تنبيه لِهذه الأمّة .
وقوله{ واتّقوا الله الذي أنتم به مؤمنون} جاء بالموصول للإيماء إلى علّة الأمر بالتقوى ،أي لأنّ شأن الإيمان أن يقتضي التقوى ،فلمّا آمنتم بالله واهتديتم إلى الإيمان فكمِّلوه بالتقوى .روي أنّ الحسن البصري لقيَ الفرزدق في جنازة ،وكانا عند القبر ،فقال الحسن للفرزدق: ما أعدَدْت لهذا .يعني القَبر .قال الفرزدق: شهادة أن لا إله إلاّ الله كذا كذا سنة .فقال الحسن: هذا العمود ،فأين الأطْناب .