وقوله:{ يوم يسمعون الصيحة} بدل مطابق من{ يوم يناد المنادي} وقوله:{ ذلك يوم الخروج} خبر المبتدأ .
ولك أن تجعل{ يوم يناد المنادي} مفعولاً فيه ل{ استمع} وإعراب ما بعده ظاهر .
ولك أن تجعل{ يوم يناد المنادي} ظرفاً في موقع الخبر المقدم وتجعل المبتدأ قوله:{ ذلك يوم الخروج} ويكون تقدير النظم: واستمعْ ذلكَ يومُ الخروج يوم ينادي المنادي الخ ،ويكون اسمُ الإشارة لمجرد التنبيه ،أو راجعاً إلى يوم ينادي المنادي ،فإنه متقدم عليه في اللفظ وإن كان خبراً عنه في المعنى واسم الإشارة يكتفي بالتقدم اللفظي بل يكتفي بمجرد الخطور في الذهن .وفي « تفسير النسَفِي » أن يعقوب أي الحضرمي أحد أصحاب القراءات العشر المتواترة وقف على قوله{ واستمع} .
وتعريف{ المنادي} تعريف الجنس ،أي يوم ينادي منادٍ ،أي من الملائكة وهو الملك الذي ينفخ النفخة الثانية فتتكوَّن الأجساد وتحل فيها أرواح الناس للحشر قال تعالى:{ ثم نُفِخَ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون}[ الزمر: 68] .
وتنوين{ مكان قريب} للنوعية إذ لا يتعلق الغرض بتعيينه ،ووصفه ب{ قريب} للإشارة إلى سرعة حضور المنادين ،وهو الذي فسرته جملة{ يوم يسمعون الصيحة بالحق} لأن المعروف أن النداء من مكان قريب لا يخفى على السامعين بخلاف النداء من كان بعيد .
و{ بالحق} بمعنى: بالصدق وهو هنا الحشر ،وصف{ بالحق} إبطالاً لزعم المشركين أنه اختلاق .
والخروج: مغادرة الدار أو البلدِ ،وأطلق الخروج على التجمع في المحشر لأن الحَيَّ إذا نَزَحُوا عن أرضهم قيل: خرجوا ،يقال: خرجوا بقَضِّهم وقضيضهم .
واسم الإشارة جيء به لتهويل المشار إليه وهو{ يوم يسمعون الصيحة بالحق} فأريد كمال العناية بتمييزه لاختصاصه بهذا الخبر العظيم .ومقتضى الظاهر أن يقال: هو يوم الخروج .
و{ يوم الخروج} علم بالغلبة على يوم البعث ،أي الخروج من الأرض .