والمِرَّة ،بكسر الميم وتشديد الراء المفتوحة ،تطلق على قوة الذات وتطلق على متانة العقل وأصالته ،وهو المراد هنا لأنه قد تقدم قبله وصفه بشديد القوى ،وتخصيص جبريل بهذا الوصف يشعر بأنه الملك الذي ينزل بفيوضات الحكمة على الرسل والأنبياء ،ولذلك لما ناول الملَك رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةَ الإِسراء كأس لَبن وكأسَ خمر ،فاختار اللبن قَال له جبريل: اخترتَ الفِطرة ولو أخذتَ الخمر غَوت أمتك .
وقوله:{ فاستوى} مفرع على ما تقدم من قوله:{ علمه شديد القوى} .
والفاء لتفصيل{ علمه} ،والمستوي هو جبريل .ومعنى استوائه: قيامه بعزيمة لتلقي رسالة الله ،كما يقال: استقل قائماً ،ومثل: بين يدي فلان ،فاستواء جبريل هو مبدأ التهيُّؤ لقبول الرسالة من عند الله ،ولذلك قيد هذا الاستواء بجملة الحال في قوله:{ وهو بالأفق الأعلى} .والضمير لجبريل لا محالة ،أي قبل أن ينزل إلى العالم الأرضي .