استئناف بياني عن جملة{ إن استطعتم أن تنفذوا}[ الرحمن: 33] الخ لأن ذلك الإِشعار بالتهديد يثير في نفوسهم تساؤلاً عمّا وَراءه .
وضمير{ عليكما} راجع إلى الجنّ والإِنس فهو عام مراد به الخصوص بالقرينة ،وهي قوله بعده:{ ولمن خاف مقام ربه جنتان}[ الرحمن: 46] الآيات .وهذا تصريح بأنهم معاقبون بعد أن عُرض لهم بذلك تعريضاً بقوله:{ إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا}[ الرحمن: 33] .
ومعنى{ يرسل عليكما} أن ذلك يعترضهم قبل أن يَلجوا في جهنم ،أي تقذفون بشُواظ من نار تعجيلاً للسوء .والمضارع للحال ،أي ويرسل عليكما الآن شواظ .
والشواظ بضم الشين وكسرها: اللهب الذي لا يخالطه دخان لأنه قد كمل اشتعاله وذلك أشد إحراقاً .وقرأه الجمهور بضم الشين .وقرأه ابن كثير بكسرها .
والنّحاس: يطلق على الدخان الذي لا لهب معه .وبه فسر ابن عباس وسعيد بن جبير وتبعهما الخليل .
والمعنى عليه: أن الدخان الذي لم تلحقهم مضرته والاختناق به بسبب شدة لهب الشواظ يضاف إلى ذلك الشواظ على حياله فلا يفلتون من الأمرينِ .
ويطلق النحاس على الصُّفْر وهو القِطر .وبه فسر مجاهد وقتادة ،وروي عن ابن عباس أيضاً .فالمعنى: أنه يصبّ عليهم الصُّفْر المُذاب .
وقرأ الجمهور{ ونحاس} بالرفع عطفاً على{ شواظ} .وقرأه ابن كثير وأبو عمرو وروْح عن يعقوب مجروراً عطفاً على{ نار} فيكون الشواظ منه أيضاً ،أي شواظ لهب من نار ،ولهب من نحاس ملتهب .وهذه نار خارقة للعادة مثل قوله تعالى:{ وقودها الناس والحجارة}[ البقرة: 24] .
ومعنى{ فلا تنتصران}: فلا تجدان مخلصاً من ذلك ولا تجدان ناصراً .
والناصر: هنا مراد منه حقيقته ومجازه ،أي لا تجدان من يدفع عنكما ذلك ولا ملجأ تتّقيان به .