وضمير ( عصوا ) يجوز أن يرجع إلى{ فرعون} باعتباره رأس قومه ،فالضمير عائد إليه وإلى قومه ،والقرينة ظاهرة على قراءة الجمهور ،وإما على قراءة أبي عمرو والكسائي فالأمر أظهر وعلى هذا الاعتبار في محل ضمير ( عصوا ) يكون المراد ب{ رسول ربّهم} موسى عليه السلام .وتعريفه بالإِضافة لما في لفظ المضاف إليه من الإِشارة إلى تخطئتهم في عبادة فرعون وجعلهم إياه إلها لهم .
ويجُوز أن يرجع ضمير ( عصوا ) إلى{ فرعون ومَن قبله والمؤتفكات .
و{ رسول ربّهم} هو الرسول المرسل إلى كل قوم من هؤلاء .
فإفراد{ رسول} مراد به التوزيع على الجماعات ،أي رسول الله لكل جماعة منهم ،والقرينة ظاهرة ،وهو أجمل نظماً من أن يقال: فعصوا رسُل ربّهم ،لما في إفراد{ رسول} من التفنن في صيغ الكلم من جمع وإفراد تفادياً من تتابع ثلاثة جموع لأن صيغ الجمع لا تخلو من ثقل لقلة استعمالها وعكسه قوله في سورة الفرقان ( 37 ){ وقومَ نوح لمّا كذَّبوا الرُسل أغرقناهم} ،وإنما كذبوا رسولاً واحداً ،وقوله:{ كذبت قوم نوح المرسلين} وما بعده في سورة الشعراء ( 105 ) ،وقد تقدم تأويل ذلك في موضعه .
والأخذ: مستعمل في الإِهلاك ،وقد تقدم عند قوله تعالى:{ أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون} في سورة الأنعام ( 44 ) وفي مواضع أخرى .
و{ أخْذَةً}: واحدة من الأخذ ،فيراد بها أخذ فرعون وقومه بالغرق ،كما قال تعالى:{ فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر}[ القمر: 42] ،وإذا أعيد ضمير الغائب إلى{ فرعون ومن قبله والمؤتفكات} كان إفراد الأخذة كإفراد{ رسول ربّهم ،} أي أخذنا كل أمة منهم أخذة .
والرابية: اسم فاعل من ربَا يَربو إذا زاد فلما صيغ منه وزن فاعلة ،قلبت الواو ياء لوقوعها متَحركة إثر كسرة .
واستعير الرُّبُوّ هنا للشدة كما تستعار الكثرة للشدة في نحو قوله تعالى:{ وادعوا ثبوراً كثيراً}[ الفرقان: 14] .
والمراد بالأخذة الرابية: إهلاك الاستئصال ،أي ليس في إهلاكهم إبقاء قليل منهم .