وقوله:{ للكافرين} يجوز أن يكون ظرفاً لغواً متعلقاً ب{ واقع ،} ويجوز أن يكون ظرفاً مستقراً خبراً لمبتدأ محذوف ،والتقدير: هو للكافرين .
واللام لشبه الملك ،أي عذاب من خصائصهم كما قال تعالى:{ فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين}[ البقرة: 24] .
ووصف العذاب بأنه واقع ،وما بعده من أوصافه إلى قوله:{ إنهم يرونه بعيداً}[ المعارج: 6] إدماج معترض ليفيد تعجيل الإِجابة عما سأل عنه سائل بكلا معنيي السؤال لأن السؤال لم يحك فيه عذاب معين وإنما كان مُجْملاً لأن السائل سأل عن عذاب غير موصوف ،أو الداعي دعا بعذاب غير موصوف ،فحكي السؤال مجملاً ليرتب عليه وصفه بهذه الأوصاف والتعلقات ،فينتقل إلى ذكر أحوال هذا العذاب وما يحفّ به من الأهوال .
وقد طويت في مطاوي هذه التعلقات جمل كثيرة كان الكلام بذلك إيجازاً إذ حصل خلالها ما يفهم منه جواب السائل ،واستجابة الداعي ،والإِنباء بأنه عذاب واقع عليهم من الله لا يدفعه عنهم دافع ،ولا يغرهم تأخره .
وهذه الأوصاف من قبيل الأسلوب الحكيم لأن ما عدد فيه من أوصاف العذاب وهَوْلِه ووقته هو الأولى لهم أن يعلموه ليحذروه ،دون أن يخوضوا في تعيين وقته ،فحصل من هذا كله معنى: أنهم سألوا عن العذاب الذي هُددوا به عن وقته ووصفه سؤال استهزاء ،ودعوا الله أن يرسل عليهم عذاباً إن كان القرآن حقاً ،إظهاراً لقلة اكتراثهم بالإِنذار بالعذاب .
فأعلمهم أن العذاب الذي استهزأوا به واقع لا يدفعه عنهم تأخر وقته ،فإن أرادوا النجاة فليحذروه .