وقوله:{ من الله} يتنازع تعلقه وصفا{ واقع ودافع .} و{ مِن} للابتداء المجازي على كلا التعلقين مع اختلاف العلاقة بحسب ما يقتضيه الوصف المتعلَّق به .
فابتداء الواقع استعارة لإذن الله بتسليط العذاب على الكافرين وهي استعارة شائعة تساوي الحقيقة .وأما ابتداء الدافع فاستعارة لتجاوزه مع المدفوع عنه من مكان مَجازي تتناوله قدرة القادر مثل{ من} في قوله تعالى:{ وظنوا أن لا ملجأ من الله إلاّ إليه}[ التوبة: 118] وقوله:{ يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله}[ النساء: 108] .
وبهذا يكون حرف{ مِن} مستعملاً في تعيين مجازين متقاربين .
وإجراء وصف{ ذي المعارج} على اسم الجلالة لاستحضار عظمة جلالة ولإِدماج الإِشعار بكثرة مراتب القرب من رضاه وثوابه ،فإن المعارج من خصائص منازل العظماء قال تعالى:{ لبيوتهم سقفاً من فضة ومعارج عليها يظهرون}[ الزخرف: 33] .ولكل درجة المعارج قوم عملوا لنوالها قال تعالى:{ يرفع الله الذين ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}[ المجادلة: 11] ،وليكون من هذا الوصف تخلص إلى ذكر يوم الجزاء الذي يكون فيه العذاب الحق للكافرين .
و{ المعارج}: جمع مِعْرَج بكسر الميم وفتح الراء وهو ما يعرج به ،أي يصعد من سلم ومدرج .