و{ أن} في{ أن اعبدوا} تفسيرية لأن وصف{ نذير} فيه معنى القول دون حروفه ،وأمرهم بعبادة الله لأنهم أعرضوا عنها ونسوها بالتمحض لأصنامهم ،وكان قوم نوح مشركين كما دل عليه قوله تعالى في سورة يونس ( 71 ){ فأجمِعوا أمركم وشرُكاءكم} وبذلك كان تمثيل حال المشركين من العرب بحال قوم نوح تمثيلاً تاماً .
واتقاء الله اتقاء غضبه ،فهذا من تعليق الحكم باسم الذات .والمراد: حال من أحوال الذات من باب{ حرمت عليكم الميتة}[ المائدة: 3] أي أكلها ،أي بأن يعلموا أنه لا يرضى لعباده الكفر به .وطاعتهم لنوح هي امتثالهم لما دعاهم إليه من التوحيد وقد قال المفسرون: لم يكن في شريعة نوح إلاّ الدعوةُ إلى التوحيد فليس في شريعته أعمال تُطلب الطاعة فيها ،لكن لم تخل شريعة إلهية من تحريم الفواحش مثل قتل الأنفس وسلب الأموال ،فقوله:{ يغفر لكم من ذنوبكم} ينصرف بادىء ذي بدء إلى ذنوب الإِشراك اعتقاداً وسجوداً .