ارتقى في شكواه واعتذاره بأنَّ دعوته كانت مختلفة الحالات في القول من جهر وإسرار ،فعَطْف الكلام ب{ ثم} التي تفيد في عطفها الجمل أن مضمون الجملة المعطوفة أهم من مضمون المعطوف عليها ،لأن اختلاف كيفية الدعوة ألصق بالدعوة من أوقات إلقائها لأن الحالة أشد ملابسة بصاحبها مِن ملابسة زمانه .فذَكَر أنه دعاهم جهاراً ،أي علناً .
وجِهار: اسم مصدر جهر ،وهو هنا وصف لمصدر{ دَعَوْتُهم} ،أي دعوةً جهاراً .
وارتقى فذكر أنه جمع بين الجهر والإِسرار لأن الجمع بين الحالتين أقوى في الدعوة وأغلظ من إفراد إحداهما .فقوله:{ أعلنت لهم} تأكيد لقوله:{ دعوتهم جهاراً} ذكر ليبنى عليه عطف{ وأسررت لهم إسراراً} .
والمعنى: أنه توخى ما يظنه أوْغَل إلى قلوبهم من صفات الدعوة ،فجهر حين يكون الجهر أجدى مثلُ مجامع العامة ،وأسَرَّ للذين يظنهم متجنبين لَوْم قومهم عليهم في التصدّي لسماع دعوته وبذلك تكون ضمائر الغيبة في قوله دعوتهم} ،وقوله:{ أعلنت لهم وأسررت لهم} موزعة على مختلففِ الناس .