وقوله:{ عليها تسعة عشر} خبر رابع عن{ سَقر} من قوله:{ وما أدراك ما سقر} .
ومعنى{ عليها} على حراستها ،ف ( على ) للاستعلاء المجازي بتشبيه التصرف والولاية بالاستعلاء كما يقال: فلان على الشرطة ،أو على بيت المال ،أي يلي ذلك والمعنى: أن خزنة سقر تسعة عشر مَلَكاً .
وقال جمع: إن عدد تسعة عشر: هُم نقباء الملائكة الموكلين بجهنم .
وقيل: تسعة عشر صِنفاً من الملائكة وقيل تسعة عشر صفّاً .وفي « تفسير الفخر »: ذكر أرباب المعاني في تقدير هذا العدد وجوهاً: أحدها قول أهل الحكمة: إن سبب فساد النفس هو القُوى الحيوانية والطبيعية أما الحيوانية فهي الخمس الظاهرة والخمس الباطنة ،والشهوة والغضب ،فمجموعها اثنتا عشرة .وأما القوى الطبيعية فهي: الجاذبة ،والماسكة ،والهاضمة ،والدافعة ،والغاذية ،والنامية ،والمولِّدة ،فهذه سبعة ،فتلك تسعَ عشرة .فلما كان منشأ الآفات هو هذه التسع عشرة كان عدد الزبانية كذلك اه .
والذي أراه أن الملائكة التسعة عشر موزَّعون على دركات سقر أو جهنمَ لكل دَرك مَلك فلعل هذه الدركات معيَّن كل درك منها لأهل شعبة من شُعب الكفر ،ومنها الدرك الأسفل الذي ذكره الله تعالى:{ إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار} في سورة النساء ( 145 ) فإن الكفر أصناف منها إنكار وجود الله ،ومنها الوثنية ،ومنها الشرك بتعدد الإله ،ومنها عبادة الكواكب ،ومنها عبادة الشيطان والجن ،ومنها عبادة الحيوان ،ومنها إنكار رسالة الرسل ،ومنها المجوسية المانوية والمزدكية والزندقة ،وعبادة البشر مثل الملوك ،والإِباحيةُ ولو مع إثبات الإله الواحد .
وفي ذكر هذا العدد تحدَ لأهل الكتابين يبعثهم على تصديق القرآن إذ كان ذلك مما استأثر به علماؤهم كما سيأتي قوله:{ ليستيقن الذين أوتوا الكتاب}[ المدثر: 31] .
وقرأ الجمهور{ تسعة عَشر} بفتح العين من{ عَشر} .وقرأ أبو جعفر{ تسعة عشر} بسكون العين من{ عشْر} تخفيفاً لتوالي الحركات فيما هو كالاسم الواحد ،ولا التفات إلى إنكار أبي حاتم هذه القراءة فإنها متواترة .