و{ ثم} في{ ثم إن علينا بيانه} للتراخي في الرتبة ،أي التفاوتتِ بين رتبة الجملة المعطوف عليها وهي قولُه{ إنَّ علينا جَمْعه وقرآنه} ،وبين رتبة الجملة المعطوفة وهي{ إِن علينا بيانه} .ومعنى الجملتين: أن علينا جمع الوحي وأن تقرأه وفوق ذلك أن تبينه للناس بلسانك ،أي نتكفل لك بأن يكون جمعه وقرآنه بلسانك ،أي عن ظهر قلبك لا بكتابة تقرأها بل أن يكون محفوظاً في الصدور بيّناً لكل سامع لا يتوقف على مراجعة ولا على إحضار مصحف من قُرب أو بُعد .
فالبيان هنا بيان ألفاظه وليس بيان معانيه لأن بيان معانيه ملازم لورود ألفاظه .
وقد احتج بهذه الآية بعض علمائنا الذين يرون جواز تأخير البيان عن المبيّن متمسكين بأن{ ثم} للتراخي وهو متمسَّك ضعيف لأن التراخي الذي أفادته{ ثم} إنما هو تراخ في الرتبة لا في الزمن ،ولأن{ ثم} قد عَطفت مجموع الجملة ولم تعطف لفظ{ بيانه} خاصة ،فلو أريد الاحتجاج بالآية للزم أن يكون تأخير البيان حقاً لا يخلو عنه البيان وذلك غير صحيح .