رجوع إلى مَهيع الكلام الذي بنيت عليه السورة كما يرجِع المتكلم إلى وَصل كلامه بعد أن قطعه عارض أو سائل ،فكلمة{ كلاّ} ردع وإبطال .يجوز أن يكون إبطالاً لما سبق من قوله:{ أيحسب الإِنسان أن لن نجمع عظامه إلى قوله: ولو ألقى معاذيره}[ القيامة: 3 15] ،فأعيد{ كَلاّ} تأكيداً لنظيره ووصلاً للكلام بإعادة آخر كلمة منه .
والمعنى: أن مَزَاعِمَهُم باطلة .
وقوله:{ بل تحبون العاجلة} إضراب إبطالي يُفصِّل ما أجمله الردع ب{ كّلا} من إبطال ما قبلها وتكذيبِه ،أي لا معاذير لهم في نفس الأمر ولكنهم أحبوا العاجلة ،أي شهوات الدنيا وتركوا الآخرة ،والكلام مشعر بالتوبيخ ومناط التوبيخ هو حب العاجلة مع نبذ الآخرة ( فأما لو أحب أحد العاجلة وراعى الآخرة ،أي جرى على الأمر والنهي الشرعيين لم يكن مذموماً .قال تعالى فيما حكاه عن الذين أوتوا العلم من قوم قارون{ وابتغ فِيما ءاتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا}[ القصص: 77] .
ويجوز أن يكون إبطالاً لما تضمنه قوله:{ ولو ألقى معاذيره}[ القيامة: 15] فهو استئناف ابتدائي .h والمعنى: أن معاذيرهم باطلة ولكنهم يحبون العاجلة ويذرون الآخرة ،أي آثروا شهواتهم العاجلة ولم يحسبوا للآخرة حساباً .