جملة هي حال من ضمير{ تأتون}[ النبأ: 18] .
والتقدير: وقد فتحت السماء ،أي قد حصل النفخ قبلَ ذلك أو معه .
ويجوز أن تكون معطوفة على جملة{ ينفخ في الصور}[ النبأ: 18] فيعتبر{ يوم}[ النبأ: 18] مضافاً إلى هذه الجملة على حدّ قوله:{ ويوم تَشَّقَّقُ السماء بالغمام}[ الفرقان: 25] .والتعبير بالفعل الماضي على هذا الوجه لتحقيق وقوع هذا التفتيح حتى كأنه قد مضى وقوعه .
وفتح السماء: انشقاقها بنزول الملائكة من بعض السماوات التي هي مقرّهم نزولاً يحضرون به لتنفيذ أمر الجزاء كما قال تعالى:{ ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلاً الملك يومئذ الحق للرحمن}[ الفرقان: 25 ،26] .
وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر وأبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب{ وفتحت} بتشديد الفوقية ،وهو مبالغة في فعل الفَتح بكثرة الفتح أو شدته إشارة إلى أنه فتح عظيم لأن شق السماء لا يقدر عليه إلا الله .
وقرأه عاصم وحمزة والكسائي وخلَف بتخفيف الفوقية على أصل الفعل ومجرد تعلق الفتح بالسماء مشعر بأنه فتح شديد .
وفي الفتح عبرة لأن السماوات كانت ملتئمة فإذا فسد التئامها وتخللتها مفاتح كان معه انخرام نظام العالم الفاني قال تعالى:{ إذا السماء انشقت} إلى قوله:{ يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه}[ الانشقاق: 1 6] .
فالتفتح والفتح سواء في المعنى المقصود ،وهو تهويل{ يوم الفصل}[ النبأ: 17] .
وفُرع على انفتاح السماء بفاء التعقيب{ فكانت أبواباً} أي ذات أبواب .
فقوله{ أبواباً} تشبيه بليغ ،أي كالأبواب ،وحينئذ لا يبقى حاجز بين سكان السماوات وبين الناس كما تقدم في قوله تعالى:{ تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة}[ المعارج: 4] .
والإِخبار عن السماء بأنها أبواب جرى على طريق المبالغة في الوصف بذات أبواب للدلالة على كثرة المفاتح فيها حتى كأنها هي أبواب وقريب منه قوله تعالى:{ وفجرنا الأرض عيوناً}[ القمر: 12] حيث أسند التفجير إلى لفظ الأرض ،وجيء باسم العيون تمييزاً ،وهذا يناسب معنى قراءة التشديد ويؤكده ،ويقيد معنى قراءة التخفيف ويبينه .
و{ كانت} بمعنى: صارت .ومعنى الصيرورة من معاني ( كَان ) وأخواتها الأربع وهي: ظَلَّ ،وبَاتَ ،وأَمسى وأَصبح ،وقرينة ذلك أنه مفرّع على{ فتحت} ونظيره قوله تعالى:{ فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان}[ الرحمن: 37] .
والأبواب: جمع باب ،وهو الفُرجة التي يُدخل منها في حائل من سور أو جدار أو حجاب أو خيمة ،وتقدم في قوله تعالى:{ وغلقت الأبواب} في سورة يوسف ( 23 ) وقوله:{ ادخلوا عليهم الباب} في سورة العقود ( 23 ) .