استئناف بياني ينبىء عن سؤال سائل يَعْجَب من إعراضهم عن القرآن مع أنه قول فصل ويعْجَب من معاذيرهم الباطلة مثل قولهم: هو هزل أو هذيان أو سحر ،فبُين للسامع أن عملهم ذلك كيد مقصود .فهم يتظاهرون بأنهم ما يصرفهم عن التصديق بالقرآن إلا ما تحققوه من عدم صدقه ،وهم إنما يصرفهم عن الإِيمان به الحفاظ على سيادتهم فيضللون عامتهم بتلك التعلات الملفقة .
والتأكيد ب ( إنَّ ) لتحقيق هذا الخبر لغرابته ،وعليه فقوله:{ وأكيد كيداً} تتميم وإدماج وإنذار لهم حين يسمعونه .
ويجوز أن يكون قوله:{ إنهم يكيدون كيداً} موجهاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسلية له على أقوالهم في القرآن الراجعة إلى تكذيب من جاء بالقرآن .أي إنما يدَّعون أنه هزل لقصد الكيد وليس لأنهم يحسبونك كاذباً على نحو قوله تعالى:{ فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات اللَّه يجحدون}[ الأنعام: 33] .
والضمير الواقع اسماً ل ( إنّ ) عائد إلى ما فهم من قوله تعالى:{ إنه لقول فصل وما هو بالهزل}[ الطارق: 13 ،14] من الرد على الذين يزعمون القرآن بعكس ذلك ،أي أن المشركين المكذبين يكيدون .