وقوله:( وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة ) أي:وعندهم من الفواكه الكثيرة المتنوعة في الألوان ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، ( كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ) [ البقرة:25] أي:يشبه الشكل الشكل ، ولكن الطعم غير الطعم . وفي الصحيحين في ذكر سدرة المنتهى قال:"فإذا ورقها كآذان الفيلة ونبقها مثل قلال هجر ".
وفيهما أيضا من حديث مالك ، عن زيد ، عن عطاء بن يسار ، عن ابن عباس قال:خسفت الشمس ، فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس معه ، فذكر الصلاة . وفيه:قالوا:يا رسول الله ، رأيناك تناولت شيئا في مقامك هذا ، ثم رأيناك تكعكعت . قال:"إني رأيت الجنة ، فتناولت منها عنقودا ، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا ".
وقال الحافظ أبو يعلى:حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا عبيد الله ، حدثنا ابن عقيل ، عن جابر قال:بينا نحن في صلاة الظهر ، إذ تقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتقدمنا معه ، ثم تناول شيئا ليأخذه ثم تأخر ، فلما قضى الصلاة قال له أبي بن كعب:يا رسول الله ، صنعت اليوم في الصلاة شيئا ما كنت تصنعه ؟ قال:"إنه عرضت علي الجنة ، وما فيها من الزهرة والنضرة ، فتناولت منها قطفا من عنب لآتيكم به ، فحيل بيني وبينه ، ولو أتيتكم به لأكل منه من بين السماء والأرض لا ينقصونه ".
وروى مسلم ، من حديث أبي الزبير ، عن جابر ، نحوه .
وقال الإمام أحمد:حدثنا علي بن بحر ، حدثنا هشام بن يوسف ، أخبرنا معمر ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عامر بن زيد البكالي:أنه سمع عتبة بن عبد السلمي يقول:جاء أعرابي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن الحوض وذكر الجنة ، ثم قال الأعرابي:فيها فاكهة ؟ قال:"نعم ، وفيها شجرة تدعى طوبى "فذكر شيئا لا أدري ما هو ، قال:أي شجر أرضنا تشبه ؟ قال:"ليست تشبه شيئا من شجر أرضك ". فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:"أتيت الشام ؟ "قال:لا . قال:"تشبه شجرة بالشام تدعى الجوزة ، تنبت على ساق واحد ، وينفرش أعلاها ". قال:ما عظم أصلها ؟ قال:"لو ارتحلت جذعة من إبل أهلك ما أحاطت بأصلها حتى تنكسر ترقوتها هرما ". قال:فيها عنب ؟ قال:"نعم ". قال:فما عظم العنقود ؟ قال:"مسيرة شهر للغراب الأبقع ، ولا يفتر ". قال:فما عظم الحبة ؟ قال:"هل ذبح أبوك تيسا من غنمه قط عظيما ؟ "قال:نعم . قال:"فسلخ إهابه فأعطاه أمك ، فقال:اتخذي لنا منه دلوا ؟ "قال:نعم . قال الأعرابي:فإن تلك الحبة لتشبعني وأهل بيتي ؟ قال:"نعم وعامة عشيرتك ".