وقوله:( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) أي:جماعة من الأولين وجماعة من الآخرين .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا المنذر بن شاذان ، حدثنا محمد بن بكار ، حدثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين ، عن عبد الله بن مسعود - قال:وكان بعضهم يأخذ عن بعض - قال:أكرينا ذات ليلة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم غدونا عليه ، فقال:"عرضت علي الأنبياء وأتباعها بأممها ، فيمر علي النبي ، والنبي في العصابة ، والنبي في الثلاثة ، والنبي ليس معه أحد - وتلا قتادة هذه الآية:( أليس منكم رجل رشيد ) [ هود:78] - قال:حتى مر علي موسى بن عمران في كبكبة من بني إسرائيل ". قال:"قلت:ربي من هذا ؟ قال:هذا أخوك موسى بن عمران ومن معه من بني إسرائيل ". قال:"قلت:رب فأين أمتي ؟ قال:انظر عن يمينك في الظراب . قال:"فإذا وجوه الرجال ". قال:"قال:أرضيت ؟ "قال:قلت:"قد رضيت ، رب ". قال:انظر إلى الأفق عن يسارك فإذا وجوه الرجال . قال:أرضيت ؟ قلت:"رضيت ، رب ". قال:فإن مع هؤلاء سبعين ألفا ، يدخلون الجنة بغير حساب ". قال:وأنشأ عكاشة بن محصن من بني أسد - قال سعيد:وكان بدريا - قال:يا نبي الله ، ادع الله أن يجعلني منهم . قال:فقال:"اللهم اجعله منهم ". قال:أنشأ رجل آخر ، قال:يا نبي الله ، ادع الله أن يجعلني منهم . فقال:"سبقك بها عكاشة "قال:فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"فإن استطعتم - فداكم أبي وأمي - أن تكونوا من أصحاب السبعين فافعلوا وإلا فكونوا من أصحاب الظراب ، وإلا فكونوا من أصحاب الأفق ، فإني قد رأيت ناسا كثيرا قد تأشبوا حوله ". ثم قال:"إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة ". فكبرنا ، ثم قال:"إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة ". قال:فكبرنا ، قال:"إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة ". قال:فكبرنا . ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية:( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) قال:فقلنا بيننا:من هؤلاء السبعون ألفا ؟ فقلنا:هم الذين ولدوا في الإسلام ، ولم يشركوا . قال:فبلغه ذلك فقال:"بل هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون ".
وكذا رواه ابن جرير من طريقين آخرين عن قتادة ، به نحوه . وهذا الحديث له طرق كثيرة من غير هذا الوجه في الصحاح وغيرها .
وقال ابن جرير:حدثنا ابن حميد ، حدثنا مهران ، حدثنا سفيان ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس:( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) قال:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"هما جميعا من أمتي ".