وقوله:( لابثين فيها أحقابا ) أي:ماكثين فيها أحقابا ، وهي جمع "حقب "، وهو:المدة من الزمان . وقد اختلفوا في مقداره . فقال ابن جرير ، عن ابن حميد ، عن مهران ، عن سفيان الثوري ، عن عمار الدهني ، عن سالم بن أبي الجعد قال:قال علي بن أبي طالب لهلال الهجري:ما تجدون الحقب في كتاب الله المنزل ؟ قال:نجده ثمانين سنة ، كل سنة اثنا عشر شهرا ، كل شهر ثلاثون يوما كل يوم ألف سنة .
وهكذا روي عن أبي هريرة ، وعبد الله بن عمرو ، وابن عباس ، وسعيد بن جبير ، وعمرو بن ميمون ، والحسن ، وقتادة ، والربيع بن أنس ، والضحاك . وعن الحسن والسدي أيضا:سبعون سنة كذلك . وعن عبد الله بن عمرو:الحقب أربعون سنة ، كل يوم منها كألف سنة مما تعدون . رواهما ابن أبي حاتم .
وقال بشير بن كعب:ذكر لي أن الحقب الواحد ثلاثمائة سنة ، كل سنة ثلاثمائة وستون يوما ، كل يوم منها كألف سنة . رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم .
ثم قال ابن أبي حاتم:ذكر عن عمر بن علي بن أبي بكر الأسفذني:حدثنا مروان بن معاوية الفزاري ، عن جعفر بن الزبير ، عن القاسم ، عن أبي أمامة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله:( لابثين فيها أحقابا ) قال:فالحقب [ ألف] شهر ، الشهر ثلاثون يوما ، والسنة اثنا عشر شهرا ، والسنة ثلاثمائة وستون يوما ، كل يوم منها ألف سنة مما تعدون ، فالحقب ثلاثون ألف ألف سنة . وهذا حديث منكر جدا ، والقاسم هو والراوي عنه وهو جعفر بن الزبير كلاهما متروك .
وقال البزار:حدثنا محمد بن مرداس ، حدثنا سليمان بن مسلم أبو المعلى قال:سألت سليمان التيمي:هل يخرج من النار أحد ؟ فقال حدثني نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"والله لا يخرج من النار أحد حتى يمكث فيها أحقابا ". قال:والحقب:بضع وثمانون سنة ، والسنة ثلاثمائة وستون يوما مما تعدون .
ثم قال:سليمان بن مسلم بصري مشهور .
وقال السدي:( لابثين فيها أحقابا ) سبعمائة حقب ، كل حقب سبعون سنة ، كل سنة ثلاثمائة وستون يوما ، كل يوم كألف سنة مما تعدون .
وقد قال مقاتل بن حيان:إن هذه الآية منسوخة بقوله:( فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا )
وقال خالد بن معدان:هذه الآية وقوله:( إلا ما شاء ربك ) [ هود:107] في أهل التوحيد . رواهما ابن جرير .
ثم قال:ويحتمل أن يكون قوله:( لابثين فيها أحقابا ) متعلقا بقوله:( لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا ) ثم يحدث الله لهم بعد ذلك عذابا من شكل آخر ونوع آخر . ثم قال:والصحيح أنها لا انقضاء لها ، كما قال قتادة والربيع بن أنس وقد قال قبل ذلك حدثني محمد بن عبد الرحيم البرقي ، حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، عن زهير ، عن سالم:سمعت الحسن يسأل عن قوله:( لابثين فيها أحقابا ) قال:أما الأحقاب فليس لها عدة إلا الخلود في النار ، ولكن ذكروا أن الحقب سبعون سنة ، كل يوم منها كألف سنة مما تعدون .
وقال سعيد ، عن قتادة:قال الله تعالى:( لابثين فيها أحقابا ) وهو:ما لا انقطاع له ، كلما مضى حقب جاء حقب بعده ، وذكر لنا أن الحقب ثمانون سنة .
وقال الربيع بن أنس:( لابثين فيها أحقابا ) لا يعلم عدة هذه الأحقاب إلا الله ، ولكن الحقب الواحد ثمانون سنة ، والسنة ثلاثمائة وستون يوما ، كل يوم كألف سنة مما تعدون . رواهما أيضا ابن جرير .