{ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ} أي:لأجلهم ولانتفاعهم وتعليمهم، لكونها من الطرق الموضحة للعلوم، ولأنها تقرب الأمور المعقولة بالأمور المحسوسة، فيتضح المعنى المطلوب بسببها، فهي مصلحة لعموم الناس.
{ و} لكن{ مَا يَعْقِلُهَا} بفهمها وتدبرها، وتطبيقها على ما ضربت له، وعقلها في القلب{ إِلَّا الْعَالِمُونَ} أي:أهل العلم الحقيقي، الذين وصل العلم إلى قلوبهم.
وهذا مدح للأمثال التي يضربها، وحثٌّ على تدبرها وتعقلها، ومدح لمن يعقلها، وأنه عنوان على أنه من أهل العلم، فعلم أن من لم يعقلها ليس من العالمين.
والسبب في ذلك، أن الأمثال التي يضربها اللّه في القرآن، إنما هي للأمور الكبار، والمطالب العالية، والمسائل الجليلة، فأهل العلم يعرفون أنها أهم من غيرها، لاعتناء اللّه بها، وحثه عباده على تعقلها وتدبرها، فيبذلون جهدهم في معرفتها.
وأما من لم يعقلها، مع أهميتها، فإن ذلك دليل على أنه ليس من أهل العلم، لأنه إذا لم يعرف المسائل المهمة، فعدم معرفته غيرها من باب أولى وأحرى. ولهذا، أكثر ما يضرب اللّه الأمثال في أصول الدين ونحوها.