{وَتِلْكَ الاَْمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ} ليتفهموا حقائق الأمور من خلالها ،لأنهم يعرفون الأشياءغالباًبنظائرها ،فلا يرتبطون بها ارتباطاً مباشراً في آفاق المعرفة ،ولكن الأمثال تحتاج إلى فكر يتعرف طبيعتها ،وإلى عقل يكتشف آفاقها ،لتتسع الفكرة في وعي الإنسان ،ليرتفع إلى مواطن السموّ في رحاب العقيدة الصافية .
{وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاَّ الْعالِمُونَ} الذين يبتعدون عن الفهم السطحي الساذج للقضايا ،وينفذون إلى عمقها ،فيفهمون منها ما لا يفهمه العامة من الناس ،الذين يأخذون منها شيئاً ويأخذ أهل العلم منها أشياءً كثيرة .
وهذه حقيقةٌ بلاغيّةٌ من أساليب التعبير الفني في اللغة العربية ،فإن كل شخص يأخذ من المعنى الخصائص التي تتصل بدائرة ثقافته ،ولهذا فإن الناس يختلفون في فهم النص الأدبي عندما يحلّلونه ويدرسونه ،وفي إدراك أبعاده الحقيقية التي قد تأخذ في بعض الحالات بعداً أكثر مما يقصده صاحبه في إدراكه الشعوري ،باعتبار أن طبيعة اللفظ تتسع لذلك ،وأنّ الحسّ الداخلي اللاّشعوري قد يوحي إليه عندما يتكلم بإيحاءاتٍ يختزنها اللفظ ،ولا يلتفت إليها الشعور الطبيعيّ .