يقول تعالى:{ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ} من أصول دينكم وفروعه، مما لم تتفقوا عليه{ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} يرد إلى كتابه، وإلى سنة رسوله، فما حكما به فهو الحق، وما خالف ذلك فباطل.{ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي} أي:فكما أنه تعالى الرب الخالق الرازق المدبر، فهو تعالى الحاكم بين عباده بشرعه في جميع أمورهم.
ومفهوم الآية الكريمة، أن اتفاق الأمة حجة قاطعة، لأن اللّه تعالى لم يأمرنا أن نرد إليه إلا ما اختلفنا فيه، فما اتفقنا عليه، يكفي اتفاق الأمة عليه، لأنها معصومة عن الخطأ، ولا بد أن يكون اتفاقها موافقا لما في كتاب اللّه وسنة رسوله.
وقوله:{ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} أي:اعتمدت بقلبي عليه في جلب المنافع ودفع المضار، واثقا به تعالى في الإسعاف بذلك.{ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} أي:أتوجه بقلبي وبدني إليه، وإلى طاعته وعبادته.
وهذان الأصلان، كثيرا ما يذكرهما اللّه في كتابه، لأنهما يحصل بمجموعهما كمال العبد، ويفوته الكمال بفوتهما أو فوت أحدهما، كقوله تعالى:{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وقوله:{ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ}