وقوله{ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} تمهيد لما يأتي بعد ،من الأمر بإقامة الدين وعدم التفرق فيه ،الذي هو وصية الله تعالى لأنبيائه ،وشرعته لخلقه .وتنبيه على أن خلاف من خالف من المشركين والكافرين ،إنما مردّه إلى الله تعالى وحكمه وقضائه .وأنه لا دين إلا دينه ،ولا عبادة إلا عبادته ،ولا حلال إلا ما أحله ،ولا حرام إلا ما حرمه .والقصد الرد على مشركي مكة وأمثالهم ،في تشريعهم ما لم يأذن به الله ،وتحكيمهم اتباع الآباء وأفانين الأهواء .فإن السورة مكية .ومع ذلك ،فتدل الآية على أن ما اختلف فيه المختلفون وتنازعوا في شيء من الخصومات ،يجب أن يكون التحاكم فيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وأن لا يؤثر على حكومته حكومة غيره .كقوله تعالى{[6437]}:{ فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} وتدل أيضا على الرجوع إلى المحكم من كتاب الله ،والظاهر من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،إذا اختلفوا في تأويل آية واشتبه عليهم .وعلى تفويض ما لم تصل إلى دركه العقول ،إلى الله تعالى ،بأن يقال:الله أعلم .كما في قوله{[6438]}:{ ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي} وقوله:{ ذلكم الله ربي} بتقدير ( قل ) أو هو حكاية لقوله صلى الله عليه وسلم .أي الذي هذه الصفات صفاته ،ربي لا آلهتكم التي تدعون من دونه ،التي لا تقدر على شيء{ عليه توكلت} أي في أموري كلها{ وإليه أنيب} أي أرجع في المعاد ،أو من الذنوب ،أو في الأمور المعضلة .