يقول تعالى ذكره:وتكاد الجبال أن تخرّ انقضاضا، لأن دعوا للرحمن ولدا. ف "أن "في موضع نصب في قول بعض أهل العربية، لاتصالها بالفعل، وفي قول غيره في موضع خفض بضمير الخافض ، وقد بينا الصواب من القول في ذلك في غير موضع من كتابنا هذا بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وقال (أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا) يعني بقوله:(أَنْ دَعَوْا):أن جعلوا له ولدا، كما قال الشاعر:
ألا رُبَّ مَـنْ تَدْعُـو نَصِيحا وَإنْ تَغِب
تَجـدْهُ بغَيْـبٍ غـيرَ مُنْتَصِـحِ الصَّدْرِ (8)
وقال ابن أحمر:
أهْـوَى لَهَـا مِشْـقَصًا حَشْرًا فَشَبْرَقَها
وكـنتُ أدْعُـو قَذَاهـا الإثمـدَ القَـرِدَا (9)
-----------------------------
الهوامش:
(8) انظر شرح هذا الشاهد مع شرح تاليه .
(9) ( 1 ) البيت في ( اللسان:دعا ) . ونسبه إلى ابن أحمر الباهلي . قال:ودعوته بزيد ، ودعوته إياه سميته به ، تعدى الفعل بعد إسقاط الحرف ؛ قال ابن أحمر الباهلي:"أهوى لها . . . "البيت . أي اسميه ، وأراد:أهوى لها بمشقص ، فحذف الحرف وأوصل وقوله عز وجل ( أن دعوا للرحمن ولدا ):أي جعلوا ، وأنشد بيت ابن أحمر أيضا وقال:أي كنت أجعل وأسمي ؛ ومثله قول الشاعر:"ألا رب من تدعو تصيحا . . . البيت ". والمشقص من النصال:ما كان طويلا غير عريض ، فإذا كان عريضا فهو المعبلة ( اللسان:شقص ) . وسهم محشور وحشر:مستوى قذذ الريش ، وكل لطيف دقيق حشر . وشبرقها:مزقها ، يقال:ثوب مشبرق:مقطع ممزق . وفي كتاب ( المعاني الكبير لابن قتيبة طبع حيدر أباد ص 988 ):يقول:كنت من إشفاتي عليها أسمي ما يصلحها قذى ، فكيف ما يؤذيها . وقوله "أدعو "أي أسمي ؛ تقول:ما تدعون هذا فيكم ؟ أي ما تسمونه ؟ والحشر:السهم الخفيف الريش الذي قد شد قصبه ورصافه . والإثمد:الكحل الأسود والقرد:هو الذي ينقطع في العين ؛ وقيل:القرد:الذي لصق بعضه ببعض . والمعنى:كنتم أسمي الإثمد قذى ، من حذري عليها .