يقول تعالى ذكره:قال إبراهيم لهم:هل تسمع دعاءكم هؤلاء الآلهة إذ تدعونهم؟ واختلف أهل العربية في معنى ذلك:فقال بعض نحويي البصرة معناه:هل يسمعون منكم أو هل يسمعون دعاءكم. فحذف الدعاء, كما قال زُهَير:
القــائِدُ الخَــيْلَ مَنْكُوبًـا دَوَابِرُهـا
قـدْ أُحْـكِمَتْ حَكمـاتِ القِـدّ والأبَقـا (3)
وقال:يريد أحكمت حكمات الأبق, فألقى الحكمات وأقام الأبق مُقامها. وقال بعض من أنكر ذلك من قوله من أهل العربية:الفصيح من الكلام في ذلك هو ما جاء في القرآن, لأن العرب تقول:سمعت زيدا متكلما, يريدون:سمعت كلام زيد, ثم تعلم أن السمع لا يقع على الأناسيّ. إنما يقع على كلامهم ثم يقولون:سمعت زيدا:أي سمعت كلامه. قال:ولو لم يقدم في بيت زهير حكمات القدّ لم يجز أن يسبق بالأبق عليها, لأنه لا يقال:رأيت الأبق, وهو يريد الحكمة.
------------------------
الهوامش:
(3) البيت لزهير بن أبي سلمى المزني، من قصيدة يمدح بها هرم بن سنان (مختار الشعر الجاهلي، بشرح مصطفى السقا، طبعة الحلبي 248) قال شارحه:الدوابر:الحوافر، أي تأكلها الأرض وتؤثر فيها. (وفي اللسان:دبر):دابرة الحافر مؤخرة، وقيل:هي التي تلي مؤخر الرسغ. وجمعها:دوابر. (وأحكمت):جعل لها حكمات. والحكمة:التي تكون على الأنف من الرسن. والقد:ما قطع من الجلد. والأبق:شبه الكتان، وقيل:هو القنب. ا ه. وفي (اللسان:حكم):والحكمة:حديدة في اللجام تكون على أنف الفرس وحنكه تمنعه عن مخالفة راكبه وحكم الفرس حكمًا (بفتح الحاء) ، وأحكمه بالحكمة:جعل للجامه حكمة، وكانت العرب تتخذها من القد والأبق، لأن قصدهم الشجاعة، لا الزينة؛ قال زهير:"القائد الخيل.."البيت. يريد قد أحكمت بحكمات القد، وبحكمات الأبق. فحذف الحكمات، وأقام الأبق مكانها. ويروي:"محكومة حكمات القد والأبقا"على اللغتين جميعًا. قال أبو الحسن:عُدِّي:"قد أحكمت"لأن فيه معنى قلدت، وقلدت متعدية إلى مفعولين، الأزهري:وفرس محكومة في رأسها حكمة، وأنشد * محكوكـة حكمـات القـد والأبق *
ابن شميل:الحكمة:خلقة تكون في فم الفرس.