القول في تأويل قوله تعالى:وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (12)
يقول تعالى ذكره:ويوم تجيء الساعة التي فيها يفصل الله بين خلقه، وينشر فيها الموتى من قبورهم، فيحشرهم إلى موقف الحساب (يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ) يقول:ييأس الذين أشركوا بالله، واكتسبوا في الدنيا مساوئ الأعمال من كلّ شرّ، ويكتئبون ويتندمون، كما قال العجاج:
يا صَاحِ هلْ تعْرِفُ رَسمًا مُكْرَسا
قـــالَ نَعَــمْ أعْرِفُــهُ وأبْلَســا (2)
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال:ثنا أبو عاصم، قال:ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال:ثنا الحسن، قال:ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله:(يُبْلِسُ). قال:يكتئب.
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة قوله:(يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ) أي في النار.
حدثني يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال:قال ابن زيد في قول الله:( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ ) قال:المبلس:الذي قد نـزل به الشرّ، إذا أبلس الرجل، فقد نـزل به بلاء.
----------------
الهوامش:
(2) البيتان من الرجز للعجاج (ديوانه طبع ليبسج سنة 1903 ص 31) ومعاني القرآن للفراء (الورقة 247) و (مجاز القرآن لأبي عبيدة الورقة 186 - ب) قال أبو عبيدة في تفسير قوله تعالى:(ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون):أي يتندمون، ويكأبون وييأسون قال * "يا صاح ..."البيتان. وفي (اللسان:كرس):ورسم مكرس (اسم مفعول) ومكرس (اسم فاعل) وهو الذي قد بعرت فيه الإبل وبولت، فركب بعضه بعضًا. وقال في (بلس):أبلس الرجل:قطع به، عن ثعلب. وأبلس:سكت؛ وأبلس من رحمة الله:أي يئس وندم.