القول في تأويل قوله تعالى:وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26)
يقول تعالى ذكره:( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) بالله ورسوله من مشركي قريش:( لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ ) يقول:قالوا للذين يطيعونهم من أوليائهم من المشركين:لا تسمعوا لقارئ هذا القرآن إذا قرأه, ولا تصغوا له, ولا تتبعوا ما فيه فتعملوا به.
كما حدثني محمد بن سعد, قال:ثني أبي, قال:ثني عمي, قال:ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله:( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ) قال:هذا قول المشركين, قالوا:لا تتبعوا هذا القرآن والهوا عنه.
وقوله:( وَالْغَوْا فِيهِ ) يقول:الغطوا بالباطل من القول إذا سمعتم قارئه يقرؤه كَيْما لا تسمعوه, ولا تفهموا ما فيه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد, قال:ثنا حكام, عن عنبسة, عن محمد بن عبد الرحمن, عن القاسم بن أبي بزّة, عن مجاهد, في قول الله:( لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ ) قال:المكاء والتصفير, وتخليط من القول على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا قرأ, قريش تفعله.
حدثني محمد بن عمرو, قال:ثنا أبو عاصم, قال:ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال:ثنا الحسن, قال:ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله:( وَالْغَوْا فِيهِ ) قال:بالمكاء والتصفير والتخليط في المنطق على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا قرأ القرآن, قريش تفعله.
حدثنا بشر, قال:ثنا يزيد, قال:ثنا سعيد, عن قتادة, قوله:( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ ):أي اجحدوا به وأنكروه وعادوه, قال:هذا قول مشركي العرب.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال:ثنا ابن ثور, عن معمر, قال:قال بعضهم في قوله:( وَالْغَوْا فِيهِ ) قال:تحدثوا وصيحوا كيما لا تسمعوه.
وقوله:( لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ) يقول:لعلكم بفعلكم ذلك تصدون من أراد استماعه عن استماعه, فلا يسمعه, وإذا لم يسمعه ولم يفهمه لم يتبعه, فتغلبون بذلك من فعلكم محمدا.