أحل لكم صيد البحر
القول في تأويل قوله تعالى:{ أحل لكم صيد البحر} يقول تعالى ذكره:{ أحل لكم} أيها المؤمنون{ صيد البحر} وهو ما صيد طريا . كما:9876 - حدثني يعقوب , قال:ثنا هشيم , قال:أخبرنا عمر بن أبي سلمة , عن أبيه , عن أبي هريرة , قال:قال عمر بن الخطاب في قوله:{ أحل لكم صيد البحر} قال:صيده:ما صيد منه . 9877 - حدثني ابن حميد , قال:ثنا جرير , عن مغيرة , عن سماك , قال:حدثت , عن ابن عباس , قال:خطب أبو بكر الناس , فقال:أحل لكم صيد البحر . قال:فصيده:ما أخذ . 9878 - حدثني يعقوب , قال:ثنا هشيم , قال:أخبرنا حصين , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس , في قوله:{ أحل لكم صيد البحر} قال:صيده:ما صيد منه . 9879 - حدثنا سليمان بن عمر بن خالد البرقي , قال:ثنا محمد بن سلمة الحراني , عن خصيف , عن عكرمة , عن ابن عباس , في قوله:{ أحل لكم صيد البحر} قال:صيده الطري . * - حدثنا ابن حميد , قال:ثنا يحيى بن واضح , قال:ثنا الهذيل بن بلال , قال:ثنا عبد الله بن عبيد بن عمير , عن ابن عباس , في قوله:{ أحل لكم صيد البحر} قال:صيده:ما صيد . * - حدثني محمد بن سعد , قال:ثني أبي , قال:ثني عمي , قال:ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس{ أحل لك صيد البحر} قال:الطري . * - حدثنا ابن وكيع , قال:ثنا الحسن بن عكرمة بن الجعفي - أو الحسين , شك أبو جعفر - عن الحكم بن أبان , عن عكرمة , قال:كان ابن عباس يقول:صيد البحر:ما اصطاده . 9880 - حدثنا أبو كريب , قال:ثنا ابن يمان , عن سفيان , عن أبي حصين , عن سعيد بن جبير:{ أحل لك صيد البحر} قال:الطري . 9881 - حدثنا ابن حميد , قال:ثنا حكام , عن عنبسة , عن الحجاج , عن العلاء بن بدر , عن أبي سلمة , قال:صيد البحر:ما صيد . * - حدثنا ابن وكيع , قال:ثنا أبي , عن سفيان , عن أبي حصين , عن سعيد بن جبير:{ أحل لكم صيد البحر} قال:الطري . * - حدثنا ابن وكيع , قال:ثنا حميد بن عبد الرحمن , عن سفيان , عن أبي حصين , عن سعيد بن جبير مثله . * - حدثنا ابن بشار , قال:ثنا عبد الرحمن بن مهدي , قال:ثنا سفيان , عن أبي حصين , عن سعيد بن جبير:{ أحل لكم صيد البحر} قال:السمك الطري . 9882 - حدثنا محمد بن الحسين , قال:ثنا أحمد بن مفضل , قال:ثنا أسباط , عن السدي:{ أحل لكم صيد البحر} أما صيد البحر:فهو السمك الطري , هي الحيتان . 9883 - حدثنا القاسم , قال:ثنا الحسين , قال:ثنا أبو سفيان , عن معمر , عن الزهري , عن سعيد بن المسيب , قال:صيده:ما اصطدته طريا . قال معمر:وقال قتادة:صيده:ما اصطدته . 9884 - حدثني محمد بن عمرو , قال:ثنا أبو عاصم , قال:ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قول الله:{ أحل لك صيد البحر} قال:حيتانه . 9885 - حدثنا ابن البرقي , قال:ثنا عمر بن أبي سلمة , قال:سئل سعيد عن صيد البحر , فقال:قال مكحول:قال زيد بن ثابت:صيده:ما اصطدت . 9886 - حدثنا ابن حميد , قال:ثنا جرير , عن ليث , عن مجاهد , في قوله:{ أحل لك صيد البحر وطعامه متاعا لك وللسيارة} قال:يصطاد المحرم والمحل من البحر , ويأكل من صيده . 9887 - حدثنا عمرو بن عبد الحميد , قال:ثنا ابن عيينة , عن عمرو , عن عكرمة , قال:قال أبو بكر:طعام البحر:كل ما فيه . وقال جابر بن عبد الله:ما حسر عنه فكل . وقال:كل ما فيه ; يعني:جميع ما صيد . 9888 - حدثنا سعيد بن الربيع , قال:ثنا سفيان , عن عمرو , سمع عكرمة يقول:قال أبو بكر:{ وطعامه متاعا لك وللسيارة} قال:هو كل ما فيه . وعنى بالبحر في هذا الموضع:الأنهار كلها ; والعرب تسمي الأنهار بحارا , كما قال تعالى ذكره:{ ظهر الفساد في البر والبحر} . فتأويل الكلام:أحل لكم أيها المؤمنون طري سمك الأنهار الذي صدتموه في حال حلكم وحرمكم , وما لم تصيدوه من طعامه الذي قتله ثم رمى به إلى ساحله .وطعامه
واختلف أهل التأويل في معنى قوله:{ وطعامه} فقال بعضهم:عنى بذلك:ما قذف به إلى ساحله ميتا , نحو الذي قلنا في ذلك . ذكر من قال ذلك:9889 - حدثنا ابن حميد , قال:ثنا جرير , عن مغيرة , عن سماك , قال:حدثت , عن ابن عباس , قال:خطب أبو بكر الناس , فقال:أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم , وطعامه:ما قذف . 9890 - حدثني يعقوب , قال:ثنا هشيم , قال:أخبرنا عمر بن أبي سلمة , عن أبيه , عن أبي هريرة , قال:كنت بالبحرين , فسألوني عما قذف البحر , قال:فأفتيتهم أن يأكلوا . فلما قدمت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه , ذكرت ذلك له , فقال لي:بم أفتيتهم ؟ قال:قلت:أفتيتهم أن يأكلوا , قال:لو أفتيتهم بغير ذلك لعلوتك بالدرة . قال:ثم قال:إن الله تعالى قال في كتابه:{ أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم} فصيده:ما صيد منه , وطعامه:ما قذف . 9891 - حدثني يعقوب , قال:ثنا هشيم , قال:أخبرنا حصين , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس:{ أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم} قال:طعامه:ما قذف . * - حدثني يعقوب , قال:ثنا ابن علية , عن سليمان التيمي , عن أبي مجلز , عن ابن عباس , في قوله:{ أحل لكم صيد البحر وطعامه} قال:طعامه:ما قذف . * - حدثنا ابن وكيع , قال:ثنا أبو خالد الأحمر , عن سليمان التيمي , عن أبي مجلز , عن ابن عباس , مثله . 9892 - حدثنا ابن وكيع , قال:ثنا حسين بن علي , عن زائدة , عن سماك , عن عكرمة , عن ابن عباس قال:طعامه:كل ما ألقاه البحر . 9893 - حدثنا ابن وكيع , قال:ثنا الحسن بن علي - أو الحسين بن على الجعفي , شك أبو جعفر - عن الحكم بن أبان , عن عكرمة , عن ابن عباس , قال:طعامه:ما لفظ من ميتته . * - حدثنا ابن حميد , قال:ثنا يحيى بن واضح , قال:ثنا الهذيل بن بلال . قال:ثنا عبد الله بن عبيد بن عمير , عن ابن عباس:{ أحل لكم صيد البحر وطعامه} قال . طعامه:ما وجد على الساحل ميتا . * - حدثنا أبو كريب , قال:ثنا ابن يمان , عن سفيان , عن سليمان التيمي , عن أبي مجلز , عن ابن عباس , قال:طعامه:ما قذف به . 9894 - حدثنا سعيد بن الربيع , قال:ثنا سفيان , عن عمرو , سمع عكرمة يقول:قال أبو بكر رضي الله عنه:{ وطعامه متاعا لكم} قال:طعامه:هو كل ما فيه . 9895 - حدثني محمد بن المثنى , قال:ثنا الضحاك بن مخلد , عن ابن جريج , قال:أخبرني عمرو بن دينار عن عكرمة مولى ابن عباس , قال:قال أبو بكر:{ وطعامه متاعا لكم} قال:طعامه:ميتته . قال عمرو:وسمع أبا الشعثاء يقول:ما كنت أحسب طعامه إلا مالحه . * - حدثنا محمد بن المثنى , قال:ثني الضحاك بن مخلد , عن ابن جريج , قال:أخبرني أبو بكر بن حفص بن عمر بن سعد , عن عكرمة , عن ابن عباس , في قوله:.{ وطعامه متاعا لكم} قال:طعامه:ميتته . 9896 - حدثنا حميد بن مسعدة , قال:ثنا يزيد بن زريع , عن عثمان , عن عكرمة:{ وطعامه متاعا لكم} قال:طعامه:ما قذف . 9897 - حدثنا بن عبد الأعلى , قال:ثنا معمر بن سليمان , قال:سمعت عبيد الله , عن نافع , قال:جاء عبد الرحمن إلى عبد الله , فقال:البحر قد ألقى حيتانا كثيرة ؟ قال:فنهاه عن أكلها , ثم قال:يا نافع هات المصحف ! فأتيته به , فقرأ هذه الآية:{ أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم} قال:قلت:طعامه:هو الذي ألقاه . قال:فالحقه , فمره بأكله . * - حدثنا ابن بشار , قال:ثنا عبد الوهاب , قال:ثنا أيوب , عن نافع أن عبد الرحمن بن أبي هريرة سأل ابن عمر , فقال:إن البحر قذف حيتانا كثيرة ميتة أفنأكلها ؟ قال:لا تأكلوها ! فلما رجع عبد الله إلى أهله , أخذ المصحف , فقرأ سورة المائدة , فأتى على هذه الآية:{ وطعامه متاعا لكم وللسيارة} قال:اذهب , فقل له فليأكله , فإنه طعامه . * - حدثني يعقوب , قال:ثنا ابن علية , قال:أخبرنا أيوب , عن نافع , عن ابن عمر , بنحوه . * - حدثني المثنى , قال:ثنا الضحاك بن مخلد , عن ابن جريج , قال:أخبرني عمرو بن دينار , عن عكرمة , مولى ابن عباس , قال:قال أبو بكر رضي الله عنه:{ وطعامه متاعا لكم} قال:ميتته , قال عمرو:سمعت أبا الشعثاء يقول:ما كنت أحسب طعامه:إلا مالحه . * - حدثنا محمد بن المثنى , قال:ثنا الضحاك بن مخلد , عن ابن جريج , قال:أخبرنا نافع أن عبد الرحمن بن أبي هريرة سأل ابن عمر عن حيتان كثيرة ألقاها البحر , أميتة هي ؟ قال:نعم ! فنهاه عنها . ثم دخل البيت , فدعا بالمصحف , فقرأ تلك الآية:{ أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم} قال:طعامه:كل شيء أخرج منه فكله فليس به بأس , وكل شيء فيه يؤكل ميتا أو بساحله . 9898 - حدثنا القاسم , قال:ثنا الحسين , قال:ثنا أبو سفيان , عن معمر , قال قتادة:طعامه:ما قذف منه . 9899 - حدثنا ابن وكيع , قال:ثنا أبو خالد , عن ليث , عن شهر , عن أبي أيوب , قال:ما لفظ البحر فهو طعامه , وإن كان ميتا . 9900 - حدثنا هناد , قال:ثنا أبو الأحوص , عن ليث , عن شهر , قال:سئل أبو أيوب عن قول الله تعالى:{ أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا} قال:هو ما لفظ البحر . وقال آخرون:عنى بقوله:{ وطعامه} المليح من السمك . فيكون تأويل الكلام على ذلك من تأويلهم:أحل لكم سمك البحر ومليحه في كل حال , إحلالكم وإحرامكم . ذكر من قال ذلك:9901 - حدثنا سليمان بن عمرو بن خالد البرقي , قال:ثنا محمد بن سلمة , عن خصيف , عن عكرمة , عن ابن عباس:{ وطعامه} قال:طعامه المالح منه . * - حدثني المثنى , قال:ثنا عبد الله بن صالح , قال:ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس:{ وطعامه متاعا لكم} يعني بطعامه:مالحه , وما قذف البحر من مالحه . * - حدثني محمد بن سعد , قال:ثني أبي , قال:ثني عمي , قال:ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس:{ وطعامه متاعا لك} وهو المالح . 9902 - حدثنا أبو كريب , قال:ثنا ابن يمان , عن سفيان , عن مجمع التيمي , عن عكرمة , في قوله:{ متاعا لكم} قال:المليح . 9903 - حدثنا أبو كريب , قال:ثنا ابن يمان , عن سفيان , عن سالم الأفطس وأبي حصين , عن سعيد بن جبير , قال:المليح . 9904 - حدثنا أبو كريب , قال:ثنا ابن يمان , عن سفيان , عن منصور , عن إبراهيم:{ وطعامه متاعا لكم} قال:المليح وما لفظ . 9905 - حدثنا ابن حميد , قال:ثنا حكام , عن عنبسة , عن سالم , عن سعيد بن جبير , في قوله:{ أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم} قال:يأتي الرجل أهل البحر فيقول:"أطعموني ",فإن قال:"غريضا ",ألقوا شبكتهم فصادوا له , وإن قال:"أطعموني من طعامكم ",أطعموه من سمكهم المالح . * - حدثنا ابن وكيع , قال:ثنا ابن فضيل:عن عطاء , عن سعيد:{ أحل لكم صيد البحر وطعامه} قال:المنبوذ , السمك المالح . * - حدثنا ابن وكيع , قال:ثنا أبي , عن سفيان , عن أبي حصين , عن سعيد بن جبير:{ وطعامه} قال:المالح . * - حدثنا ابن وكيع , قال:ثنا أبي , عن سفيان , عن منصور , عن إبراهيم:{ وطعامه} قال:هو مالحه . ثم قال:ما قذف . 9906 - حدثنا ابن معاذ , قال:ثنا جامع بن حماد , قال:ثنا يزيد بن زريع , قال:ثنا سعيد , عن قتادة:{ وطعامه} قال:مملوح السمك . * - حدثنا هناد , قال:ثنا ابن أبي زائدة , قال:أخبرني الثوري , عن منصور , قال:كان إبراهيم يقول:طعامه:السمك المليح . ثم قال بعد:ما قذف به . * - حدثنا هناد , قال:ثنا ابن أبي زائدة , قال:أخبرنا الثوري , عن أبي حصين , عن سعيد بن جبير , قال:{ طعامه} المليح . 9907 - حدثنا هناد , قال:ثنا ابن أبي زائدة , قال:أخبرنا إسرائيل , عن عبد الكريم , عن مجاهد , قال:{ طعامه} السمك المليح . 9908 - حدثنا ابن بشار , قال:ثنا محمد بن جعفر , قال:ثنا شعبة , عن أبي بشر , عن سعيد بن جبير في هذه الآية:{ وطعامه متاعا لكم} قال:الصير . قال شعبة:فقلت لأبي بشر:ما الصير ؟ قال:المالح . * - حدثنا ابن المثنى , قال:ثنا هشام بن الوليد , قال:ثنا شعبة , عن أبي بشر , عن جعفر بن أبي وحشية , عن سعيد بن جبير , قوله:{ وطعامه متاعا لكم} قال:الصير . قال:قلت:ما الصير ؟ قال:المالح . 9909 - حدثني محمد بن الحسين , قال:ثنا أحمد بن مفضل , قال:ثنا أسباط , عن السدي:{ وطعامه متاعا لكم} قال:أما طعامه فهو المالح . 9910 - حدثنا القاسم , قال:ثنا الحسين , قال:ثنا أبو سفيان , عن معمر , عن الزهري , عن سعيد بن المسيب:{ وطعامه متاعا لكم} قال:طعامه:ما تزودت مملوحا في سفرك . 9911 - حدثنا عمرو بن عبد الحميد وسعيد بن الربيع الرازي , قالا:ثنا سفيان عن عمرو , قال:قال جابر بن زيد:كنا نتحدث أن طعامه مليحه , ونكره الطافي منه . وقال آخرون:{ طعامه} ما فيه ذكر من قال ذلك:9912 - حدثنا ابن وكيع , قال:ثنا ابن عيينة , عن عمرو , عن عكرمة , قال:طعام البحر:ما فيه . 9913 - حدثنا ابن وكيع , قال:ثنا أبي , عن حريث , عن عكرمة:{ وطعامه متاعا لكم} قال:ما جاء به البحر بوجه . 9914 - حدثنا ابن وكيع , قال:ثنا حميد بن عبد الرحمن , عن حسن بن صالح , عن ليث , عن مجاهد , قال:طعامه:كل ما صيد منه . وأولى هذه الأقوال بالصواب عندنا , قول من قال:طعامه:ما قذفه البحر أو حسر عنه فوجد ميتا على ساحله . وذلك أن الله تعالى ذكر قبله صيد الذي يصاد , فقال:{ أحل لكم صيد البحر} فالذي يجب أن يعطف عليه في المفهوم ما لم يصد منه , فقال:أحل لكم صيد ما صدتموه من البحر وما لم تصيدوه منه . وأما المليح , فإنه ما كان منه ملح بعد الاصطياد , فقد دخل في جملة قوله:{ أحل لكم صيد البحر} فلا وجه لتكريره , إذ لا فائدة فيه . وقد أعلم عباده تعالى إحلاله ما صيد من البحر بقوله{ أحل لكم صيد البحر} فلا فائدة أن يقال لهم بعد ذلك:ومليحه الذي صيد حلال لكم ; لأن ما صيد منه فقد بين تحليله طريا كان أو مليحا بقوله:{ أحل لكم صيد البحر} والله يتعالى عن أن يخاطب عباده بما لا يفيدهم به فائدة . وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو الذي قلنا خبر , وإن كان بعض نقلته يقف به على ناقله عنه من الصحابة , وذلك ما:9915 - حدثنا هناد بن السري , قال:ثنا عبدة بن سليمان , عن محمد بن عمرو , قال:ثنا أبو سلمة , عن أبي هريرة , قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{ أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم} قال:"طعامه:ما لفظه ميتا فهو طعامه ". وقد وقف هذا الحديث بعضهم على أبي هريرة . 9916 - حدثنا هناد , قال:ثنا ابن أبي زائدة , عن محمد بن عمرو , عن أبي سلمة , عن أبي هريرة في قوله:{ أحل لكم صيد البحر وطعامه} قال:طعامه:ما لفظه ميتا .متاعا لكم وللسيارة
القول في تأويل قوله تعالى:{ متاعا لكم وللسيارة} يعني تعالى ذكره بقوله:{ متاعا لكم} منفعة لمن كان منكم مقيما أو حاضرا في بلده يستمتع بأكله وينتفع به .{ وللسيارة} يقول:ومنفعة أيضا ومتعة للسائرين من أرض إلى أرض , ومسافرين يتزودونه في سفرهم مليحا . والسيارة:جمع سيار . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك:9917 - حدثني يعقوب , قال:ثنا هشيم , قال:أخبرني أبو إسحاق , عن عكرمة , أنه قال في قوله:{ متاعا لكم وللسيارة} قال:لمن كان بحضرة البحر ,{ وللسيارة} السفر . 9918 - حدثني يعقوب , قال:ثنا ابن علية , عن سعيد بن أبي عروبة , عن قتادة , في قوله:{ وطعامه متاعا لكم وللسيارة} ما قذف البحر , وما يتزودون في أسفارهم من هذا المالح . يتأولها على هذا . * - حدثنا بشر بن معاذ , قال:ثنا جامع عن حماد , قال:ثنا يزيد بن زريع , قال:ثنا سعيد , عن قتادة:{ وطعامه متاعا لكم وللسيارة} مملوح السمك ما يتزودون في أسفارهم . 9919 - حدثنا سليمان بن عمرو بن خالد البرقي , قال:ثنا مسكين بن بكير , قال:ثنا عبد السلام بن حبيب النجاري , عن الحسن في قوله:{ وللسيارة} قال:هم المحرمون . 9920 - حدثني محمد بن الحسين , قال:ثنا أحمد بن مفضل , قال:ثنا أسباط , عن السدي:{ وطعامه متاعا لكم وللسيارة} أما طعامه:فهو المالح منه , بلاغ يأكل منه السيارة في الأسفار . 9921 - حدثنا المثنى , قال:ثنا أبو صالح , قال:ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس:{ وطعامه متاعا لكم وللسيارة} قال:طعامه:مالحه وما قذف البحر منه يتزوده المسافر . وقال مرة أخرى:مالحه وما قذف البحر , فمالحه يتزوده المسافر . 9922 - حدثني محمد بن سعد , قال:ثني أبي , قال:ثني عمي , قال:ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس:{ وطعامه متاعا لكم وللسيارة} يعني المالح فيتزوده . وكان مجاهد يقول في ذلك بما:9923 - حدثني محمد بن عمر , قال:ثنا أبو عاصم , قال:ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد:{ وطعامه متاعا لكم} قال:أهل القرى ,{ وللسيارة} أهل الأمصار . * - حدثنا القاسم , قال:ثنا الحسين , قال:ثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد , قوله:{ متاعا لكم} قال لأهل القرى ,{ وللسيارة} قال:أهل الأمصار وأجناس الناس كلهم . وهذا الذي قاله مجاهد من أن السيارة هم أهل الأمصار لا وجه له مفهوم , إلا أن يكون أراد بقوله هم أهل الأمصار:هم المسافرون من أهل الأمصار , فيجب أن يدخل في ذلك كل سيارة من أهل الأمصار كانوا أو من أهل القرى , فأما السيارة فلا يشمل المقيمين في أمصارهم .وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما
القول في تأويل قوله تعالى:{ وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما} يعني تعالى ذكره:وحرم عليكم أيها المؤمنون صيد البر ما دمتم حرما , يقول:ما كنتم محرمين لم تحلوا من إحرامكم . ثم اختلف أهل العلم في المعنى الذي عنى الله تعالى ذكره بقوله:{ وحرم عليكم صيد البر} فقال بعضهم:عنى بذلك:أنه حرم علينا كل معاني صيد البر من اصطياد وأكل وقتل وبيع وشراء وإمساك وتملك . ذكر من قال ذلك:9924 - حدثني يعقوب , قال:ثنا هشيم , عن يزيد بن أبي زياد , عن عبد الله بن الحارث , عن نوفل , عن أبيه , قال:حج عثمان بن عفان , فحج علي معه . قال:فأتي عثمان بلحم صيد صاده حلال , فأكل منه ولم يأكل علي , فقال عثمان:والله ما صدنا ولا أمرنا ولا أشرنا ! فقال علي:{ وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما} . 9925 - حدثنا ابن حميد , قال:ثنا هارون بن المغيرة , عن عمرو بن أبي قيس , عن سماك , عن صبيح بن عبيد الله العبسي , قال:بعث عثمان بن عفان أبا سفيان بن الحارث على العروض , فنزل قديدا , فمر به رجل من أهل الشام معه باز وصقر , فاستعاره منه , فاصطاد به من اليعاقيب , فجعلهن في حظيرة . فلما مر به عثمان طبخهن , ثم قدمهن إليه , فقال عثمان:كلوا ! فقال بعضهم:حتى يجيء علي بن أبي طالب . فلما جاء فرأى ما بين أيديهم , قال علي:إنا لن نأكل منه ! فقال عثمان:مالك لا تأكل ؟ فقال:هو صيد , ولا يحل أكله وأنا محرم . فقال عثمان:بين لنا ! فقال علي:{ يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم} فقال عثمان:أونحن قتلناه ؟ فقرأ عليه:{ أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليك صيد البر ما دمتم حرما} . 9926 - حدثنا تميم بن المنتصر وعبد الحميد بن بيان القناد , قالا:أخبرنا أبو إسحاق الأزرق , عن شريك , عن سماك بن حرب , عن صبيح بن عبيد الله العبسي , قال:استعمل عثمان بن عفان أبا سفيان بن الحارث على العروض . ثم ذكر نحوه , وزاد فيه:. قال:فمكث عثمان ما شاء الله أن يمكث , ثم أتى فقيل له بمكة:هل لك في ابن أبي طالب أهدي له صفيف حمار فهو يأكل منه ! فأرسل إليه عثمان وسأله عن أكل الصفيف , فقال:أما أنت فتأكل , وأما نحن فتنهانا ؟ فقال:إنه صيد عام أول , وأنا حلال , فليس علي بأكله بأس , وصيد ذلك - يعني اليعاقيب - وأنا محرم , وذبحن وأنا حرام . 9927 - حدثنا عمران بن موسى القزاز , قال:ثنا عبد الوارث بن سعيد , قال:ثنا يونس , عن الحسن:أن عمر بن الخطاب لم يكن يرى بأسا بلحم الصيد للمحرم , وكرهه علي بن أبي طالب رضي الله عنه . 9928 - حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع , قال:ثنا بشر بن المفضل , قال:ثنا سعيد , عن قتادة , عن سعيد بن المسيب:أن عليا كره لحم الصيد للمحرم على كل حال . 9929 - حدثنا محمد بن المثنى , قال:ثنا محمد بن جعفر , قال:ثنا شعبة , عن يزيد بن أبي زياد , عن عبد الله بن الحارث:أنه شهد عثمان وعليا أتيا بلحم , فأكل عثمان ولم يأكل علي , فقال عثمان:أنحن صدنا أو صيد لنا ؟ فقرأ علي هذه الآية:{ أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما} . 9930 - حدثني يعقوب , قال:ثنا هشيم , قال:أخبرنا عمر بن أبي سلمة , عن أبيه , قال:حج عثمان بن عفان , فحج معه علي , فأتي بلحم صيد صاده حلال , فأكل منه وهو محرم , ولم يأكل منه علي , فقال عثمان:إنه صيد قبل أن نحرم . فقال له علي:ونحن قد بدا لنا وأهالينا لنا حلال , أفيحللن لنا اليوم . 9931 - حدثنا ابن حميد , قال:ثنا هارون , عن عمرو , عن عبد الكريم , عن مجاهد , عن عبد الله بن الحارث بن نوفل:أن عليا أتي بشق عجز حمار وهو محرم , فقال:إني محرم . 9932 - حدثنا ابن بزيع , قال:ثنا بشر بن المفضل , قال:ثنا سعيد , عن يعلى بن حكيم , عن عكرمة , عن ابن عباس:أنه كان يكرهه على كل حال ما كان محرما . 9933 - حدثنا ابن بشار , قال:ثنا أبو عاصم , قال:ثنا ابن جريج , قال:أخبرنا نافع أن ابن عمر كان يكره كل شيء من الصيد وهو حرام , أخذ له أو لم يؤخذ له , وشيقة وغيرها . * - حدثنا ابن المثنى , قال:ثنا يحيى بن سعيد القطان , عن عبد الله , قال:أخبرني نافع:أن ابن عمر كان لا يأكل الصيد وهو محرم وإن صاده الحلال . 9934 - حدثنا ابن بشار , قال:ثنا أبو عاصم , قال:أخبرنا ابن جريج , قال:أخبرني الحسن بن مسلم بن يناق:أن طاوسا كان ينهى الحرام عن أكل الصيد وشيقة وغيرها صيد له أو لم يصد له . 9935 - حدثنا عبد الأعلى , قال:ثنا خالد بن الحارث , قال:ثنا الأشعث , قال:قال الحسن:إذا صاد الصيد ثم أحرم لم يأكل من لحمه حتى يحل . فإن أكل منه وهو محرم لم ير الحسن عليه شيئا . 9936 - حدثنا ابن حميد , قال:ثنا حكام وهارون عن عنبسة , عن سالم , قال:سألت سعيد بن جبير , عن الصيد يصيده الحلال , أيأكل منه المحرم ؟ فقال:سأذكر لك من ذلك , إن الله تعالى قال:{ يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم} فنهى عن قتله , ثم قال:{ ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم} ثم قال تعالى:{ أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة} قال:يأتي الرجل أهل البحر فيقول:أطعموني ! فإن قال:"غريضا ",ألقوا شبكتهم فصادوا له , وإن قال:أطعموني من طعامكم ! أطعموه من سمكهم المالح . ثم قال:{ وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما} وهو عليك حرام , صدته أو صاده حلال . وقال آخرون:إنما عنى الله تعالى بقوله:{ وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما} ما استحدث المحرم صيده في حال إحرامه أو ذبحه , أو استحدث له ذلك في تلك الحال . فأما ما ذبحه حلال وللحلال فلا بأس بأكله للمحرم , وكذلك ما كان في ملكه قبل حال إحرامه فغير محرم عليه إمساكه . ذكر من قال ذلك:9937 - حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع , قال:ثنا بشر بن المفضل , قال:ثنا سعيد , قال:ثنا قتادة , أن سعيد بن المسيب حدثه , عن أبي هريرة , أنه سئل عن صيد صاده حلال أيأكله المحرم ؟ قال:فأفتاه هو بأكله , ثم لقي عمر بن الخطاب فأخبره بما كان من أمره , فقال:لو أفتيتهم بغير هذا لأوجعت لك رأسك ! 9938 - حدثنا أحمد بن عبدة الضبي , قال:ثنا أبو عوانة , عن عمر بن أبي سلمة , عن أبيه , قال:نزل عثمان بن عفان العرج وهو محرم , فأهدى صاحب العرج له قطا , قال:فقال لأصحابه:كلوا فإنه إنما اصطيد على اسمي ! قال:فأكلوا ولم يأكل . 9939 - حدثنا ابن بشار وابن المثنى , قالا:ثنا ابن أبي عدي , عن سعيد , عن قتادة , عن سعيد بن المسيب:أن أبا هريرة كان بالربذة , فسألوه عن لحم صيد صاده حلال . ثم ذكر نحو حديث ابن بزيع عن بشر . * - حدثنا ابن المثنى , قال:ثنا محمد بن جعفر , قال:ثنا شعبة , عن قتادة , عن سعيد بن المسيب , عن أبي هريرة , عن عمر , نحوه . 9940 - حدثنا ابن المثنى , قال:ثنا ابن أبي عدي , عن شعبة , عن أبي إسحاق , عن أبي الشعثاء , قال:سألت ابن عمر عن لحم صيد يهديه الحلال إلى الحرام , فقال:أكله عمر , وكان لا يرى به بأسا . قال:قلت:تأكله ؟ قال:عمر خير مني . * - حدثنا ابن المثنى , قال:ثنا يحيى بن سعيد , عن شعبة , قال:ثنا أبو إسحاق . عن أبي الشعثاء , قال:سألت ابن عمر عن صيد صاده حلال يأكل منه حرام ؟ قال:كان عمر يأكله . قال:قلت:فأنت ؟ قال:كان عمر خيرا مني . 9941 - حدثنا ابن المثنى , قال:ثنا ابن أبي عدي , عن هشام , عن يحيى , عن أبي سلمة , عن أبي هريرة , قال:استفتاني رجل من أهل الشام في لحم صيد أصابه وهو محرم , فأمرته أن يأكله . فأتيت عمر بن الخطاب فقلت له:إن رجلا من أهل الشام استفتاني في لحم صيد أصابه وهو محرم . قال:فما أفتيته ؟ قال:قلت:أفتيته أن يأكله . قال:فوالذي نفسي بيده لو أفتيته بغير ذلك لعلوتك بالدرة ! وقال عمر:إنما نهيت أن تصطاده . 9942 - حدثنا أبو كريب , قال:ثنا مصعب بن المقدام , قال:ثنا خارجة عن زيد بن أسلم , عن عطاء , عن كعب , قال:أقبلت في أناس محرمين , فأصبنا لحم حمار وحش , فسألني الناس عن أكله , فأفتيتهم بأكله وهم محرمون . فقدمنا على عمر , فأخبروه أني أفتيتهم بأكل حمار الوحش وهم محرمون , فقال عمر:قد أمرته عليكم حتى ترجعوا . 9943 - حدثني يعقوب , قال:ثنا هشيم , قال:أخبرنا يحيى بن سعيد , عن سعيد بن المسيب , عن أبي هريرة , قال:مررت بالربذة , فسألني أهلها عن المحرم يأكل ما صاده الحلال , فأفتيتهم أن يأكلوه . فلقيت عمر بن الخطاب , فذكرت ذلك له , قال:فبم أفتيتهم ؟ قال:أفتيتهم أن يأكلوا . قال:لو أفتيتهم بغير ذلك لخالفتك . 9944 - حدثنا ابن حميد , قال:ثنا يحيى بن واضح , عن يونس , عن أبي الشعثاء الكندي , قال:قلت لابن عمر:كيف ترى في قوم حرام لقوا قوما حلالا ومعهم لحم صيد , فإما باعوهم وإما أطعموهم ؟ فقال:حلال . 9945 - حدثنا سعيد بن يحيى الأموي , قال:ثنا محمد بن سعيد , قال:ثنا هشام , يعني ابن عروة , قال:ثنا عروة , عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب , أن عبد الرحمن حدثه:أنه اعتمر مع عثمان بن عفان في ركب فيهم عمرو بن العاص حتى نزلوا بالروحاء , فقرب إليهم طير وهم محرمون , فقال لهم عثمان:كلوا فإني غير آكله ! فقال عمرو بن العاص:أتأمرنا بما لست آكلا ؟ فقال عثمان:إني لولا أظن أنه صيد من أجلي لأكلت . فأكل القوم . 9946 - حدثنا ابن المثنى , قال:ثنا محمد بن جعفر , قال:ثنا شعبة , عن هشام بن عروة , عن أبيه:أن الزبير كان يتزود لحوم الوحش وهو محرم . 9947 - حدثنا عبد الحميد بن بيان , قال:أخبرنا إسحاق , عن شريك , عن سماك بن حرب , عن عكرمة , عن ابن عباس , قال:ما صيد أو ذبح وأنت حلال فهو لك حلال , وما صيد أو ذبح وأنت حرام فهو عليك حرام . * - حدثنا ابن حميد , قال:ثنا هارون , عن عمرو , عن سماك , عن عكرمة , عن ابن عباس , قال:ما صيد من شيء وأنت حرام فهو عليك حرام , وما صيد من شيء وأنت حلال فهو لك حلال . 9948 - حدثني محمد بن سعد , قال:ثني أبي , قال:ثني عمي , قال:ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس:{ وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما} فجعل الصيد حراما على المحرم صيده وأكله ما دام حراما , وإن كان الصيد صيد قبل أن يحرم الرجل فهو حلال , وإن صاده حرام لحلال فلا يحل له أكله . 9949 - حدثني يعقوب , قال:ثنا هشيم , قال:سألت أبا بشر عن المحرم يأكل مما صاده الحلال , قال:كان سعيد بن جبير ومجاهد يقولان:ما صيد قبل أن يحرم أكل منه , وما صيد بعد ما أحرم لم يأكل منه . 9950 - حدثنا ابن بشار , قال:ثنا أبو عاصم , قال:ثنا ابن جريج , قال:كان عطاء يقول إذا سئل في العلانية أيأكل الحرام الوشيقة والشيء اليابس ؟ يقول بيني وبينه:لا أستطيع أن أبين لك في مجلس , إن ذبح قبل أن يحرم فكل , وإلا فلا تبع لحمه ولا تبتع . وقال آخرون:إنما عنى الله تعالى بقوله:{ وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما} وحرم عليكم اصطياده . قالوا:فأما شراؤه من مالك يملكه وذبحه وأكله بعد أن يكون ملكه إياه على غير وجه الاصطياد له وبيعه وشراؤه جائز . قالوا:والنهي من الله تعالى عن صيده في حال الإحرام دون سائر المعاني ذكر من قال ذلك:9951 - حدثني عبد الله بن أحمد بن شبوية , قال:ثنا ابن أبي مريم , قال:ثنا يحيى بن أيوب , قال:أخبرني يحيى , أن أبا سلمة اشترى قطا وهو بالعرج وهو محرم ومعه محمد بن المنكدر , فأكله . فعاب عليه ذلك الناس . والصواب في ذلك من القول عندنا أن يقال:إن الله تعالى عم تحريم كل معاني صيد البر على المحرم في حال إحرامه من غير أن يخص من ذلك شيئا دون شيء , فكل معاني الصيد حرام على المحرم ما دام حراما بيعه وشراؤه واصطياده وقتله وغير ذلك من معانيه , إلا أن يجده مذبوحا قد ذبحه حلال لحلال , فيحل له حينئذ أكله , للثابت من الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , الذي:9952 - حدثناه يعقوب بن إبراهيم , قال:ثنا يحيى بن سعيد , عن ابن جريج . وحدثني عبد الله بن أبي زياد , قال:ثنا مكي بن إبراهيم , قال:ثنا عبد الملك بن جريج , قال:أخبرني محمد بن المنكدر , عن معاذ بن عبد الرحمن بن عثمان , عن أبيه عبد الرحمن بن عثمان , قال:كنا مع طلحة بن عبيد الله ونحن حرم , فأهدي لنا طائر , فمنا من أكل ومنا من تورع فلم يأكل . فلما استيقظ طلحة وفق من أكل , وقال:أكلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . فإن قال قائل:فما أنت قائل فيما روي عن الصعب بن جثامة:أنه أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل حمار وحش يقطر دما , فرده فقال:"إنا حرم ". وفيما روي عن عائشة:"أن وشيقة ظبي أهديت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم , فردها ",وما أشبه ذلك من الأخبار ؟ قيل:إنه ليس في واحد من هذه الأخبار التي جاءت بهذا المعنى بيان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد من ذلك ما رد وقد ذبحه الذابح إذ ذبحه , وهو حلال لحلال , ثم أهداه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حرام فرده وقال:إنه لا يحل لنا لأنا حرم ; وإنما ذكر فيه أنه أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم لحم صيد فرده , وقد يجوز أن يكون رده ذلك من أجل أن ذابحه ذبحه أو صائده صاده من أجله صلى الله عليه وسلم وهو محرم , وقد بين خبر جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:"لحم صيد البر للمحرم حلال , إلا ما صاد أو صيد له ". معنى ذلك كله . فإن كان كلا الخبرين صحيحا مخرجهما , فواجب التصديق بهما وتوجيه كل واحد منهما إلى الصحيح من وجه , وأن يقال رده ما رد من ذلك من أجل أنه كان صيد من أجله , وإذنه في كل ما أذن في أكله منه من أجل أنه لم يكن صيد لمحرم ولا صاده محرم , فيصح معنى الخبرين كليهما . واختلفوا في صفة الصيد الذي عنى الله تعالى بالتحريم في قوله:{ وحرم عليك صيد البر ما دمتم حرما} فقال بعضهم:صيد البر:كل ما كان يعيش في البر والبحر ; وإنما صيد البحر ما كان يعيش في الماء دون البر ويأوي إليه ذكر من قال ذلك:9953 - حدثنا هناد بن السري , قال:ثنا وكيع , وحدثنا ابن وكيع , قال:ثنا أبي , عن عمران بن حدير , عن أبي مجلز:{ وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما} قال:ما كان يعيش في البر والبحر لا يصيده , وما كان حياته في الماء فذاك 34 . 9954 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال:ثنا هشيم , قال:أخبرنا الحجاج , عن عطاء , قال:ما كان يعيش في البر فأصابه المحرم فعليه جزاؤه , نحو السلحفاة والسرطان والضفادع . * - حدثنا ابن حميد , قال:ثنا هارون بن المغيرة , عن عمرو بن أبي قيس , عن الحجاج , عن عطاء , قال:كل شيء عاش في البر والبحر , فأصابه المحرم فعليه الكفارة . 9955 - حدثنا أبو كريب وأبو السائب , قالا:ثنا ابن إدريس , قال:ثنا يزيد بن أبي زياد , عن عبد الملك , عن سعيد بن جبير , قال:خرجنا حجاجا معنا رجل من أهل السواد معه شصوص طير ماء , فقال له أبي حين أحرمنا:اعزل هذا عنا ! 9956 - وحدثنا به أبو كريب مرة أخرى , قال:ثنا ابن إدريس , قال:سمعت يزيد بن أبي زياد , قال:ثنا حجاج , عن عطاء:أنه كره للمحرم أن يذبح الدجاج الزنجي ; لأن له أصلا في البر . وقال بعضهم:صيد البر ما كان كونه في البر أكثر من كونه في البحر ذكر من قال ذلك:9957 - حدثنا محمد بن بشار , قال:ثنا أبو عاصم , قال ابن جريج:أخبرناه , قال:سألت عطاء عن ابن الماء , أصيد بر , أم بحر ؟ وعن أشباهه , فقال:حيث يكون أكثر فهو صيده . 9958 - حدثنا القاسم , قال:ثنا الحسين , قال:ثني وكيع , عن سفيان , عن رجل , عن عطاء بن أبي رباح , قال:أكثر ما يكون حيث يفرخ , فهو منه .واتقوا الله الذي إليه تحشرون
القول في تأويل قوله تعالى:{ واتقوا الله الذي إليه تحشرون} وهذا تقدم من الله تعالى ذكره إلى خلقه بالحذر من عقابه على معاصيه , يقول تعالى:واخشوا الله أيها الناس , واحذروه بطاعته فيما أمركم به من فرائضه وفيما نهاكم عنه في هذه الآيات التي أنزلها على نبيكم صلى الله عليه وسلم من النهي عن الخمر والميسر والأنصاب والأزلام , وعن إصابة صيد البر وقتله في حال إحرامكم , وفي غيرها , فإن لله مصيركم ومرجعكم فيعاقبكم بمعصيتكم إياه , ومجازيكم فمثيبكم على طاعتكم له .