القول في تأويل قوله تعالى:يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (9)
يقول تعالى ذكره:إن عذاب ربك لواقع ( يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا ) فيوم من صلة واقع, ويعني بقوله:تمور:تدور وتكفأ. وكان معمر بن المثنى يُنشد بيت الأعشى:
كــأنَّ مشْـيتَها مِـنْ بَيْـتِ جارَتهـا
مَـوْرُ السَّـحابَة لا رَيْـثٌ ولا عَجًـلُ (9)
فالمور على روايته:التكفي والترهيل في المشية, وأما غيره فإنه كان يرويه مرّ السحابة.
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك, فقال بعضهم فيه نحو الذي قلنا فيه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ, قال:ثنا أبو صالح, قال:ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله:( يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا ) قال:يقول:تحريكا.
حدثنا ابن المثنى وعمرو بن مالك, قالا حدثنا أبو معاوية الضرير, عن سفيان بن عُيينة, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله:( يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا ) قال:تدور السماء دورا.
حدثنا الحسن بن عليّ الصدائي, قال:ثنا إبراهيم بن بشار, قال:ثنا سفيان بن عيينة قال:أخبروني عن معاوية الضرير, عني, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا ) قال:تدور دورا.
حدثنا هارون بن حاتم المقري, قال:ثنا سفيان بن عيينة, قال:ثني أبو معاوية, عني, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا ) قال:تدور دورا.
حدثنا بشر, قال:ثنا يزيد, قال:ثنا سعيد, عن قتادة, قوله:( يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا ) مورها:تحريكها.
حُدثت عن الحسين, قال:سمعت أبا معاذ يقول:ثنا عبيد, قال:سمعت الضحاك يقول في قوله:( يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا ) يعني:استدارتها وتحريكها لأمر الله, وموج بعضها في بعض.
حدثنا ابن حميد, قال:ثنا مهران, عن سفيان, قال:قال الضحاك ( يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا ) قال:تموج بعضها في بعض, وتحريكها لأمر الله.
حدثني يونس, قال:أخبرنا ابن وهب, قال:قال ابن زيد, في قوله:( يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا ) قال:هذا يوم القيامة, وأما المور:فلا علم لنا به.
وقال آخرون:مورها:تشققها.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد, قال:ثني أبي, قال:ثني عمي, قال:ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله:( يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا ) قال:يوم تشقَّق السماء.
---------------------
الهوامش:
(9) هذا البيت لأعشى بني قيس بن ثعلبة ( ديوانه طبعة القاهرة 55 ) وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن ( الورقة 228 ب ) والرواية فيه:مور السحابة في موضع "مر السحابة "في رواية الديوان. وقد أنشده شاهدًا على قوله تعالى:( يوم تمور السماء مورًا ) أي تكفأ ، وهو أن ترهيأ في مشيتها ، أي ترهيأ كما ترهيأ النخلة العيدانة . وقال في ( اللسان:رهأ ) الرهيأة:الضعف والعجز والتواني ، والمراة ترهيأ في مشيتها أي تكفأ كما ترهيأ النخلة العيدانة أ . هـ .