القول في تأويل قوله تعالى:سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (16)
وقوله:( سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم:معناه:سنخطمه بالسيف، فنجعل ذلك علامة باقية، وسمة ثابتة فيه ما عاش.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال:ثني أبي، قال:ثني عمي، قال:ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ ) فقاتل يوم بدر، فخُطِم بالسيف في القتال.
وقال آخرون:بل معنى ذلك سنشينه شينا باقيا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:( سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ ) شَيْن لا يفارقه آخر ما عليه.
وقال آخرون:سيمَى على أنفه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال:ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ ) قال:سنسم على أنفه.
وأولى القولين بالصواب في تأويل ذلك عندي قول من قال:معنى ذلك:سنبين أمره بيانا واضحا حتى يعرفوه، فلا يخفى عليهم، كما لا تخفي السمة على الخرطوم.
وقال قتادة:معنى ذلك:شين لا يفارقه آخر ما عليه، وقد يحتمل أيضا أن يكون خطم بالسيف، فجمع له مع بيان عيوبه للناس الخطم بالسيف.
ويعني بقوله:( سَنَسِمُهُ ) سنكويه. وقال بعضهم:معنى ذلك:سنسمه سِمَة أهل النار:أي سنسوِّد وجهه.
وقال:إن الخرطوم وإن كان خصّ بالسمة، فإنه في مذهب الوجه؛ لأن بعض الوجه يؤديّ عن بعض، والعرب تقول:والله لأسمنك وسما &; 23-542 &; لا يفارقك، يريدون الأنف. قال:وأنشدني بعضهم:
لأعَلطَنَّـــهُ وَسْـــمًا لا يُفارِقــهُ
كمــا يُحَـزُّ بِحَـمْى المِيسَـمِ النَّجِـرُ (1)
والنجر:داء يأخذ الإبل فتُكوى على أنفها.
------------
الهوامش:
(1) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن (الورقة 339) قال عند قوله تعالى:( سنسمه على الخرطوم ) أي:سنسمه سمة أهل النار، أي:سنسود وجهه؛ فهو وإن كان الخرطوم قد خص بالسمة، فإنه في مذهب الوجه؛ لأن بعض الوجه يؤدى عن بعض، والعرب تقول:أما والله لأسمنك وسما لا يفارقك، يريدون الأنف، وأنشدني بعضهم:"لأعلطنه وسما."البيت فقال:الميسم ولم يذكر الأنف؛ لأنه موضع السمة. والبحر:البعير إذا أصابه البحر، وهو داء يأخذ البعير فيوسم لذلك. أ.هـ . قلت:وأنشد صاحب اللسان البيت "في بحر"وقال قال الفراء:البحر أن يلغي البعير بالماء، فيكثر منه، حتى يصيبه منه داء، يقال:بحر يبحر بحرا، فهو بحر، وأنشد:بيت الشاهد. قال:وإذا أصابه الداء كوي في مواضع فيبرأ. ا هـ كلام الفراء كما في اللسان.
وقال الأزهري معقبا عليه:الداء الذي يصيب البعير فلا يروى من الماء، هو النجر، بالنون والجيم، والبجر بالباء والجيم. وأما البحر:فهو داء يورث السل. وأبحر الرجل:إذا أخذه السل. ورجل بحير وبحر:مسلول ذاهب اللحم. عن ابن الأعرابي . ا هـ. قلت:ويؤيد هذا ما جاء في (اللسان:نجر) قال الجوهري:النجر بالتحريك، عطش يصيب الإبل والغنم عن أكل الحبة، فلا تكاد تروى من الماء. يقال:نجرت الإبل ومجرت أيضا. ا هـ . وفي التهذيب:نجر ينجر نجرا:إذا أكثرت من شرب الماء، ولم يكد يروى قال يعقوب:وقد يصيب الإنسان. ا هـ . وحمى الميسم:حره . والميسم حديدة يكوى بها.