وقوله:{ سنسمه على الخرطوم} عدة منه تعالى بغاية إذلاله بعد تناهي كبره وعجبه وزهوه وعتوه ،تقول العرب وسمته بميسم السوء ،يريدون أنه ألصق به من العار مالا يفارقه قال جرير:{[7199]}
لما وضعت على الفرزدق ميسمي وعلى البعيث جدعت أنف الأخطل
قال الزمخشري:الوجه أكرم موضع في الجسد ،والأنف أكرم موضع من الوجه لتقدمه له ،ولذلك جعلوه مكان العز والحمية ،واشتقوا منه ( الأنفة ) وقالوا الأنف في الأنف وحمى أنفه ،وفلان شامخ العرنين وقالوا في الذليل جدع أنفه ورغم أنفه ،فعبر بالوسم على الخرطوم عن غاية الإذلال والإهانة ،لأن السمة على الوجه شين وإذالة فكيف بها على أكرم موضع منه ؟ ولقد وسم العباس أباعره في وجوهها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم"أكرموا الوجوه "فوسمها في جواعرها .وفي لفظ{ الخرطوم} استخفاف به واستهانة ،لأن أصل الخرطوم للخنزير والفيل ،وقيل سنعلمه يوم القيامة بعلامة مشوهة يبين بها عن سائر الكفرة ،كما عادى رسول الله صلى الله عليه وسلم عداوة بان بها عنهم انتهى .
تنبيه:قيل عنى بالآية الأخنس بن شريق قال ابن جرير{[7200]} وأصله من ثقيف وعداده في بني زهرة أي لأنه التحق بهم حتى كان منهم في الجاهلية ،ولذا سمي زنيما للصوقه بالقوم وليس منهم ،وقيل هو الوليد بن المغيرة ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة من مولده .