وقوله:( السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ ) يقول تعالى ذكره:السماء مثقلة بذلك اليوم متصدّعة متشققة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال:ثني أبي، قال:ثني عمي، قال:ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله:( السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ ) يعني:تشقَّق السماء حين ينـزل الرحمن جلّ وعزّ.
حدثني محمد بن عمرو، قال:ثنا أبو عاصم، قال:ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال:ثنا الحسن، قال:ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:( مُنْفَطِرٌ بِهِ ) قال:مثقلة به.
حدثنا أبو حفص الحيري، قال:ثنا مؤمل، قال:ثنا أبو مودود، عن الحسن، في قوله:( السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ ) قال:مثقلة محزونة يوم القيامة.
حدثني عليّ بن سهل، قال:ثنا مؤمل، قال:ثنا أبو مودود بحر بن موسى، قال:سمعت ابن أبي عليّ يقول في هذه الآية، ثم ذكر نحوه.
حدثنا ابن حميد، قال:ثنا يحيى بن واضح، قال:ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرِمة ( السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ ) قال:مثقلة به.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال:ثنا ابن علية، قال:ثنا أبو رجاء، عن الحسن، في قوله:( السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ ) قال:موقرة مثقلة.
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة ( السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ ) يقول:مثقل به ذلك اليوم.
حدثني يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله:( السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ ) قال:هذا يوم القيامة، فجعل الولدان شيبا، ويوم تنفطر السماء، وقرأ:إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْوقال:هذا كله يوم القيامة.
حدثنا أبو كريب، قال:ثنا وكيع، عن سفيان، عن جابر، عن عبد الله بن يحيى، عن عكرمة، عن ابن عباس ( السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ ) قال:ممتلئة به، بلسان الحبشة.
حدثنا مهران، عن سفيان، عن جابر، عن عكرِمة، ولم يسمعه عن ابن عباس ( السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ ) قال:ممتلئة به.
وذُكرت السماء في هذا الموضع لأن العرب تذكرها وتؤنثها، فمن ذكرها وجهها إلى السقف، كما يقال:هذا سماء البيت:لسقفه. وقد يجوز أن يكون تذكيرهم إياها لأنها من الأسماء التي لا فصل فيها بين مؤنثها ومذكرها؛ ومن التذكير قول الشاعر:
فَلَــوْ رَفَــعَ السَّـمَاء إلَيْـهِ قَوْمـا
لحَقْنــا بالسَّــماءِ مَــعَ السَّــحابِ (4)
وقوله:( كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولا ) يقول تعالى ذكره:كان ما وعد الله من أمر أن يفعله مفعولا لأنه لا يخلف وعده، وما وعد أن يفعله تكوينه يوم تكون الولدان شيبا يقول:فاحذروا ذلك اليوم أيها الناس، فإنه كائن لا محالة.
------------------------
الهوامش:
(4) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن (الورقة 346) قال:وقوله:( السماء منفطر به ) بذلك اليوم.والسماء تذكر وتؤنث، فهي هاهنا في وجه التذكير؛ قال الشاعر:"ولو رفع السماء.."البيت. وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن (الورقة 181):( السماء منفطر به ) قال أبو عمرو:ألقى الهاء؛ لأن مجازها السقف، تقول:هذا سماء البيت. وقال قوم:قد تلقى العرب من المؤنث الهاءات استغناء عنها، يقال:مهرة ضامر، وامرأة طالق، والمعنى:منفطرة.