وقوله:( إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) يقول تعالى ذكره:إن جهنم ترمي بشرر كالقصر، فقرأ ذلك قرّاء الأمصار:( كَالْقَصْرِ ) بجزم الصاد.
واختلف الذين قرءوا ذلك كذلك في معناه، فقال بعضهم:هو واحد القصور.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال:ثنا أبو صالح، قال:ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله:( إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) يقول:كالقصر العظيم.
حدثنا ابن حميد، قال:ثنا مهران، عن سفيان، عن خصيف، عن مجاهد ( إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) قال:ذكر القصر (2) .
حدثني يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال:أخبرني يزيد بن يونس، عن أبي صخر في قول الله:( إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) قال:كان القرظي يقول:إن على جهنم سورا فما خرج من وراء السور مما يرجع فيها في عظم القصر، ولون القار.
وقال آخرون:بل هو الغليظ من الخشب، كأصول النخل وما أشبه ذلك.
* ذكر من قال ذلك.
حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عبد الرحمن بن عابس، قال:سألت ابن عباس عن قوله:( إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) قال:القصر:خشب كنا ندّخره للشتاء ثلاث أذرع، وفوق ذلك، ودون ذلك كنا نسميه القصر.
حدثنا ابن بشار، قال:ثنا مؤمل، قال:ثنا سفيان، قال:سمعت عبد الرحمن بن عابس، قال:سمعت ابن عباس يقول في قوله:( إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) قال:القصر:خشب كان يُقْطع في الجاهلية ذراعا وأقلّ أو أكثر، يُعْمَد به.
حدثنا ابن حميد، قال:ثنا مهران، عن سفيان، عن عبد الرحمن بن عابس، قال:سمعت ابن عباس يقول في قوله:( إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) قال:كنا في الجاهلية نقصر ذراعين أو ثلاث أذرع، وفوق ذلك ودون ذلك نسميه القصر.
حدثني محمد بن سعد، قال:ثني أبي، قال:ثني عمي، قال:ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله:( إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) فالقصر:الشجر المقطع، ويقال:القصر:النخل المقطوع.
حدثني محمد بن عمرو، قال:ثنا أبو عاصم، قال:ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال:ثنا الحسن، قال:ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:( كَالْقَصْرِ ) قال:حزم الشجر، يعني الحزمة.
حدثنا ابن بشار، قال:ثنا محمد بن جعفر، قال:ثنا ابن أبي عديّ، عن شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس في هذه الآية ( إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) قال:مثل قَصْر النخلة.
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:( إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) أصول الشجر، وأصول النخل.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال:ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) قال:كأصل الشجر.
حُدثت عن الحسين، قال:سمعت أبا معاذ يقول:ثنا عبيد، قال:سمعت الضحاك يقول في قوله:( بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) القصر:أصول الشجر العظام، كأنها أجواز الإبل الصفر وسط كل شيء جوزُه، وهي الأجواز.
حدثنا أحمد بن يوسف، قال:ثنا القاسم، قال:ثنا حجاج، عن هارون، قال:قرأها الحسن:( كَالْقَصْرِ ) وقال:هو الجزل من الخشب قال:واحدته:قصرة وقصر، مثله:جمرة وجمر، وتمرة وتمر.
وذُكر عن ابن عباس أنه قرأ ذلك ( كَالْقَصْرِ ) بتحريك الصاد.
حدثني أحمد بن يوسف، قال:ثنا القاسم، قال:ثنا حجاج، عن هارون، قال:أخبرني حسين المعلم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس أنه قرأها ( كَالْقَصْرِ ) بفتح القاف والصاد.
قال:وقال هارون:أخبرني أبو عمر أن ابن عباس قرأها:( كَالْقَصْرِ ) وقال:قصر النخل، يعني الأعناق.
وأولى القراءتين بالصواب في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار، وهو سكون الصاد، وأولى التأويلات به أنه القصر من القصور، وذلك لدلالة قوله:( كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ ) على صحته، والعرب تشبه الإبل بالقصور المبنية، كما قال الأخطل في صفة ناقة:&; 24-139 &;
كأنهــا بُــرْجُ رُومــيٍّ يُشَــيِّدُه
لُــزَّ بِجــصّ وآجُــرٍّ وأحْجــارِ (3)
وقيل:( بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) ولم يقل كالقصور، والشرر جمع، كما قيل:سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَولم يقل الأدبار، لأن الدبر بمعنى الأدبار، وفعل ذلك توفيقا بين رءوس الآيات ومقاطع الكلام، لأن العرب تفعل ذلك كذلك، وبلسانها نـزل القرآن. وقيل:كالقصر، ومعنى الكلام:كعظم القصر، كما قيل:تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِولم يقل:كعيون الذي يغشى عليه، لأن المراد في التشبيه الفعل لا العين.
حدثنا محمد بن المثنى، قال:ثنا محمد بن جعفر، قال:ثنا شعبة، عن عطاء بن السائب، أنه سأل الأسود عن هذه الآية:( تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) فقال:مثل القصر.
وقوله:( جِمَالَةٌ صُفْرٌ ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم:معنى ذلك:كأن الشرر الذي ترمي به جهنم كالقصر جِمالات سود:أي أينق سود؛ وقالوا:الصفر في هذا الموضع، بمعنى السود قالوا:وإنما قيل لها صفر وهِي سود، لأن ألوان الإبل سود تضرب إلى الصفرة، ولذلك قيل لها صُفْر، كما سميت الظباء أدما، لما يعلوها في بياضها من الظلمة.
* ذكر من قال ذلك: