ثم وجه- سبحانه- أمرا آخر إلى عبده موسى فقال:وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى.
والضم:الجمع. يقال:ضم فلان أصابعه إذا جمعها. والجناح، يطلق على العضد وعلى الجنب، وعلى الإبط. وأصله جناح الطائر وسمى بذلك لأنه يجنحه، أى:يميله عند الطيران، ثم توسع فيه فأطلق على العضد وغيره.
والمراد باليد هنا:كف يده اليمنى.
والسوء:الرديء والقبيح من كل شيء، وكنى به هنا عن البرص لشدة قبحه.
والمعنى:واضمم- يا موسى- يدك اليمنى الى عضد يدك اليسرى بأن تجعلها تحته عند الإبط. ثم أخرجها فإنها تخرج بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ أى:تخرج منيرة مشرقة واضحة البياض دون أن يعلق بها أى سوء من برص أو مرض أو غيرهما، وإنما يكون بياضها بياضا مشرقا بقدرة الله- تعالى- وإرادته.
قال الحسن البصري:أخرجها- والله- كأنها مصباح، فعلم موسى أنه قد لقى ربه- تعالى-.
وقوله:تَخْرُجْ بَيْضاءَ ... جواب الأمر وهو قوله:وَاضْمُمْ يَدَكَ.
وقوله:مِنْ غَيْرِ سُوءٍ احتراس لدفع توهم أن يكون بياضها بسبب مرض أو أذى، وهو متعلق بتخرج.
وقوله:آيَةً أُخْرى أى:معجزة أخرى غير معجزة العصا التي سبق أن منحناها لك.
كما قال- تعالى:وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ.