سلح الله – تعالى- رسوله وكليمه موسى بالأسلحة التي يدّرع بها لإقناع طاغية الدنيا في عصره بنبوّته ، فأتي له بآية أخرى إيناسا لموسى وليطمئن في لقاءه بهذا الطاغية بأن الله تعالى معه ، فلا يخاف ، ولا يضطرب عنه لقائه ، ولذا قال تعالى:{ واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى 22 لنريك من آياتنا الكبرى 23} .
"الجناح"هنا الجانب ، وهو تشبيه جانبي الإنسان بجناح الطير لأنهما محسوسان في جانبيه ، وسمي جناحي الطائر بذلك لأنهما يطويان عند الطير ، ويميلان على جنبيه ، والجناح الميل ، وضم اليدين إلى الجانبين معناه وضع اليدين تحت الإبطين
وقوله تعالى:{ تخرج بيضاء من غير سوء} والفعل مجزوم على جواب الأمر ، وهما لا يخرجان من تلقاء أنفسهما ، بل يخرجهما موسى بإرادة الله تعالى ، فليس الضم سبب الخروج ، ولكنه شرطه . والسوء ما يسوء الإنسان عند النظر إليه ، ولذا أطلق سبب الخروج ، ولكنه شرطه . والسوء ما يسوء الإنسان عند النظر إليه ، ولذا أطلق على العورة السوءة ، قال الله تعالى عندما أكل آدم وحواء من الشجرة:{. . .فبدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة . . .121} ( طه ) .
وقالوا:كنى بهذا عن البرص ، أي تخرج اليدان بيضاوان من غير ذلك المرض الذي يسوء النظر إليه ، ويقول الزمخشري في ذلك:إن قوله تعالى:{ من غير سوء} كناية عن البرص ، كما كنى عن العورة بالسوءة ، والبرص أبغض شيء إلى العرب ، وبهم عنه نفرة عظيمة ، وأسماعهم لاسمه مجّاجة ، فكان جديرا بأن يكنى عنه ، ولا نرى أحسن ولا ألطف ، ولا أحرى للمفاصل من كناية القرآن وآدابه .
وإن ذلك كلام قيم في ذاته ، ولكن ذكر البرص في القرآن الكريم ، فلقد ذكر سبحانه وتعالى في معجزات عيسى فقال تعالى:{ وتبرئ الأكمه والأبرص 110} ( المائدة ) ولقد قال تعالى:{ تخرج بيضاء من غير سوء} لتبين أن البياض إشراق وضياء منزهة عن أي مرض ، فهو مدح للبياض ، وهذه آية أخرى غير آية العصا ، ولذا قال تعالى:{ آية أخرى} والنصب لفعل محذوف مناسب للنص تقديره مثلا:أعطيناك آية أخرى لتذهب إلى من تُرسل إليه مسلحا بالحجة بحيث لا يماري فيها إلا جاهل أو متجاهل ممن يستيقنون بالآيات ، ولكن يجحدونها ، وسنرى فرعون من هذا النوع .