{ قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى 21} . .
ما كان لموسى وهو مضطرب بسبب المفاجأة ، لهذا الانقلاب أن يمد يده إليها ليأخذها إلا بعد الاطمئنان ، وقرار النفس ، ولذا قرن سبحانه وتعالى الأمر بأخذها بالنهي عن الخوف لتقر نفسه وتطمئن ، وبين له أن ما أزعجك من الانقلاب زائل ، ولذا قال عز من قائل:{ سنعيدها سيرتها الأولى} ، حيث كنت تستخدمها في التوكؤ عليها والهش على غنمك والمآرب الأخرى التي كنت تنتفع بها ، والسيرة اسم هيئة على وزن "فعلة"بكسر الفاء ، أي سنعيدها على الهيئة التي كنت تستخدمها فيها قارا مطمئنا ، وقد ذكر الزمخشري ثلاثة وجوه "سيرة"أولها أنها ظرف ، وثانيها أنها مفعول ثان ل "أعاد"، لأن عاد أصلها متعدية بنفسها من قولهم عاد المريض يعوده ، فإذا جاءت همزة التعدية صار يتعدى لمفعولين ، والثالث وهو الذي رجحه وقد ذكره بقوله:"ووجه ثالث حسن وهو أن{ سنعيدها} ، مستقلا بنفسه غير متعلق ب{ سيرتها} بمعنى أنها أنشئت أول ما أنشئت عصى ، ثم ذهبت وبطلت بالقلب حية فسنعيدها بعد ذهابها كما أنشئت أولا ، ونصب{ سيرتها} بفعل مضمر أي تسير سيرتها الأولى"، جملة هذا ما قاله الزمخشري وما كان لنا أن نسير في هذا التوجيه الإعرابي ، ولتمام القول فيه أنه على هذا الإعراب الأخير تكون{ سيرتها} مع الفعل المحذوف جملة حالية ، وقبل أن نترك القول في الآية الكريمة نقول:إن "سيرة"فعل هيئة من سار ، وهي تطلق ابتداء على السير الحسي وهو هنا قريب من ذلك ، ثم أطلقت على المعنويات فقيل:سيرة فلان ، أي:مسلكه في الحياة ، وقيل:سيرة النبيين ، ثم أطلقت على المذهب والطريقة .