ثم وصف- سبحانه- هؤلاء المؤمنين بثلاث صفات جامعة بين خيرى الدنيا والآخرة فقال:الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ أى:يؤدونهما في أوقاتها المقدرة لها، مستوفية لواجباتها وسننها وآدابها وخشوعها.
وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ التي كلفهم الله- تعالى- بإيتائها، بإخلاص وطيب نفس.
وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ والآخرة تأنيث الآخر. والمراد بها الدار الآخرة، وسميت بذلك لأنها تأتى بعد الدنيا التي هي الدار الأولى.
وقوله:يُوقِنُونَ من الإيقان. وهو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع، بحيث لا يطرأ عليه شك، أو تحوم حوله شبهة. يقال:يقن الماء، إذا سكن وظهر ما تحته.
ويقال:يقنت من هذا الشيء يقنا، وأيقنت، وتيقنت، واستيقنت، اعتقدت اعتقادا جازما من وجوده أو صحته.
أى:وهم بالدار الآخرة وما فيها من حساب وعقاب، يوقنون إيقانا قطعيّا، لا أثر فيه للادعاءات الكاذبة، والأوهام الباطلة.
قال الجمل:ولما كان إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، مما يتكرر ويتجدد في أوقاتهما، أتى بهما فعلين، ولما كان الإيقان بالآخرة أمرا ثابتا مطلوبا دوامه، أتى به جملة اسمية.
وجعل خبرها مضارعا، للدلالة على أن إيقانهم يستمر على سبيل التجدد» .