{الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلاةَ} في ما تمثله من القيام الخاشع الخاضع بين يدي الله ،للاتصال بروحانية قدسه ،والاستمداد من لطف رحمته ،والتطلع إلى ساحة قربه ،والوصول إلى غاية رضاه ،والانفتاح على كل رحاب الخير في هداه وعلى كل مواقع الحق في مداه ،{وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ} بما تمثله من الامتداد في العطاء مما رزقهم الله من نعمه الواسعة ،للتدليل على أن عطاء الله للإنسان يفرض عليه القيام بمسؤوليته في عطائه للإنسان الآخر ليشهد الله على أنه لم يكن أنانياً في تقبّله لما أنعم الله عليه ،بل كان كريماً في ذلك ،في ما يحسّ به في عمق إيمانه ،أن النعمة تستدعي حركةً في داخلها بالشكر ،وفي خارجها بالعطاء ،لينطلق التكافل الاجتماعي في مواقع النعمة المتحركة من إنسانٍ لاخر في مواقع المسؤولية{وَهُم بِالاَْخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} في ما يوحي به من انطلاق الإيمان من حركة الوجود في قدرة الله في البداية كمظهر للقدرة والنعمة ،وامتداده في حيويّة الوعي في الإنسان كموقع للمسؤولية ،ثم انفتاحه على البعث بعد الموت في وصول العمر إلى نهايته وعودته إلى الحياة الجديدة ليقف بين يدي الله بكل مفرداته السلبية والإيجابية ليواجه نتائج المسؤولية .وهذا هو الذي يجعل للإيمان بالآخرة عمقاً في توازن الأعمال واستقامتها .