وقوله- تعالى-:لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ بيان لما جبل عليه الإنسان من حب للمال وغيره من ألوان النعم. ومن ضيقه بما يخالف ذلك.
ويبدو أن المراد بالإنسان في هذه الآية وأمثالها جنسه الغالب، وإلا فهناك مؤمنون صادقون، إذا رزقهم الله النعم شكروا، وإذا ابتلاهم بالمحن صبروا.
والمراد بالخير ما يشمل المال والصحة والجاه والسلطان وما إلى ذلك مما يشتهى.
والسأم:الملل، يقال سئم فلان هذا الشيء، إذا مله وضاق به وانصرف عنه.
واليأس:أن ينقطع قلب الإنسان عن رجاء الحصول على الشيء، يقال:يئس فلان من كذا- من باب فهم-، إذا فقد الرجاء في الظفر به.
والقنوط:أن يظهر أثر ذلك اليأس على وجهه وهيئته، بأن يبدو منكسرا متضائلا مهموما.
فكأن اليأس شيء داخل من أعمال القلب بينما القنوط من الآثار الخارجية التي تظهر علاماتها على الإنسان.
أى:لا يسأم الإنسان ولا يمل ولا يهدأ من طلب الخير والسعة في النعم.
وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ من عسر أو مرض فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ أى:فهو كثير اليأس والقنوط من رحمة الله- تعالى- وفضله، بحيث تنكسر نفسه، ويظهر ذلك على هيئته.
وعبر- سبحانه- بيئوس وقنوط وهما من صيغ المبالغة، للإشارة إلى شدة حزنه وجزعه عند ما يعتريه الشر.