ثم هدد- سبحانه- الذين يخالفون عن أمره تحذيرا شديدا، فقال:سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.
وجيء بحرف التنفيس الدال على القرب وهو السين للإشعار بتحقق ما أخبر به- سبحانه-.
وقوله:سَنَفْرُغُ من الفراغ، وهو الخلو عما يشغل..
والمراد به هنا:القصد إلى الشيء والإقبال عليه، يقال:فلان فرغ لفلان وإليه، إذا قصد إليه لأمر ما ...
والثقلان:تثنية ثقل- بفتحتين-، وأصله كل شيء له وزن وثقل، والمراد بهما هنا:
الإنس والجن.
والمعنى:سنقصد يوم القيامة إلى محاسبتكم على أعمالكم، وسنجازيكم عليها بما تستحقون، وسيكون هذا شأننا- أيها الثقلان- في هذا اليوم العظيم.
قال صاحب الكشاف:قوله:سَنَفْرُغُ لَكُمْ مستعار من قول الرجل لمن يتهدده، سأفرغ لك، يريد سأتجرد للإيقاع بك من كل ما يشغلني عنك، حتى لا يكون لي شغل سواه، والمراد:التوفر على النكاية فيه، والانتقام منه.
ويجوز أن يراد ستنتهى الدنيا وتبلغ آخرها، وتنتهي عند ذلك شئون الخلق التي أرادها بقوله- تعالى-:كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ، فلا يبقى إلا شأن واحد، وهو جزاؤكم، فجعل ذلك فراغا لهم على طريق المثل ....