ثم ختم - سبحانه - هذه الآيات بقوله:( هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدين ) والنزل:ما يعد للضيف من منزل حسن ، ومأكل حسن لإكرامه .
أى:هذا المذكور من أنواع العذاب المهين . . . . نزلهم ومسكنهم ومقرهم أول قدومهم يوم الجزاء . .
فالإشارة بقوله:( هذا ) إلى ما ذكر قبل ذلك من عذاب مهين ، من مظاهره أكلهم من الزقوم ، وشربهم من الحميم .
والتعبير عما أعد لهم من عذاب بالنزل ، على سبل التهكم ، كما فى قول الشاعر:
وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا ... جعلنا القنا والمرهَفات له نزلا
وبذلك نرى الآيات الكريمة ، وقد بينت ما أعد لأصحاب الشمال ، من عذاب مهين ، بأسلوب تقشعر من هوله الأبدان . . .
وبعد هذا الحديث الجامع عن أقسام الناس يوم القيامة ، وعن جزاء كل قسم . . . أخذت السورة الكريمة فى إقامة الأدلة على وحدانية الله - تعالى - وعلى كمال قدرته . . .
وجاءت هذه الأدلة لا عن طريق أمور تخييلية ، أو فلسفية ، أو غيبية . . . وإنما عن طريق أمور يحسونها بأنفسهم ، ويشاهدونها بأعينهم . . . عن طريق خلقهم ، وزروعهم التى يزاولونها بأيديهم ، والماء الذى يشربونه ، والنار التى يوقدونها .