قال صاحب الكشاف:قوله:زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا. الزعم:ادعاء العلم، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:«زعموا مطية الكذب» وعن شريح:لكل شيء كنية وكنية الكذب زعموا، ويتعدى إلى المفعولين تعدى العلم، كما قال الشاعر:
وإن الذي قد عاش يا أم مالك يموت، ولم أزعمك عن ذاك معزلا و «أن» مع ما في حيزها قائم مقامهما.
وبَلى حرف يذكر في الجواب لإثبات النفي في كلام سابق، والمراد هنا:إثبات ما نفوه وهو البعث.
أى:زعم الذين كفروا من أهل مكة وأشباههم من المشركين، أنهم لن يبعثوا يوم القيامة، لأن البعث وما يترتب عليه من حساب، في زعمهم محال.
قل لهم- أيها الرسول الكريم- على سبيل الجزم واليقين، كذبتم فيما تزعمونه من أنه لا بعث ولا حساب.. والله لتبعثن يوم القيامة، ثم لتنبؤن بما عملتموه في الدنيا من أعمال سيئة، ولتحاسبن عليها حسابا عسيرا، يترتب عليه الإلقاء بكم في النار.
وجيء في نفى زعمهم بالجملة القسمية، لتأكيد أمر البعث الذي نفوه بحرف لَنْ ولبيان ان البعث وما يترتب عليه من ثواب وعقاب، أمر ثابت ثبوتا قطعيا. وجملة ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ ارتقاء في الإيطال. وثُمَّ للتراخي النسبي.
أى:قل لهم إنكم لا تبعثون فحسب، بل ستبعثون، ثم تجدون بعد ذلك ما هو أشد من البعث، ألا وهو إخباركم بأعمالكم السيئة، ثم الإلقاء بكم في النار بعد ذلك.
فالمراد بالإنباء لازمه، وهو ما يترتب عليه من حساب وعقاب.
واسم الإشارة في قوله:وَذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ يعود إلى البعث وما يترتب عليه من حساب.
أى:وذلك البعث والحساب، يسير وهين على الله- تعالى- لأنه- سبحانه- لا يعجزه شيء، ولا يحول دون تنفيذ قدرته حائل.
فهذا التذييل المقصود به إزالة ما توهموه وزعموه من أن البعث أمر محال، كما قالوا:
أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ.