( وَمَا هُوَ ) أى:القرآن الذى أنزلناه عليك ( إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ) أى:تذكير بالله - تعالى - وبدينه وبهداياته . . وشرف لهم وللعالمين جميعا .
وجاء قوله ( يَكَادُ ) بصيغة المضارع ، للإِشارة إلى استمرار ذلك فى المستقبل .
وجاء قوله ( سَمِعُواْ ) بصيغة الماضى ، لوقوعه مع ( لما ) وللإِشعار بأنهم قد حصل منهم هذا القول السَّيئ .
وجاء قوله ( لَيُزْلِقُونَكَ ) بلام التأكيد للإشعار بتصميم على هذه الكراهية ، وحرصهم عليها .
وقوله - سبحانه -:( وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ) رد على أكاذيبهم وإبطال لأقوالهم الزائفة ، حيث وصفوه صلى الله عليه وسلم بالجنون لأنه إذا ما كان ما جاء به شرف وموعظة وهداية وتذكير بالخير للناس . . لم يكن معقولا أن يكون مبلغة مجنونا .
ومنهم من فسر قوله - تعالى - ( لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ . . . ) أى:ليحدسونك عن طريق النظر الشديد بعيونهم . .
قال الإِمام ابن كثير:وقوله:( وَإِن يَكَادُ الذين كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ ) قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما:( لَيُزْلِقُونَكَ ):لينقذونك بأبصارهم ، أى:لَيعَينوك بأبصارهم ، بمعنى ليحسدونك لبغضهم إياك ، لولا وقاية الله لك ، وحمايتك منهم .
وفى هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله - عز وجل - ، كما وردت بذلك الأحاديث المروية من طرق متعددة كثيرة .
ثم ساق - رحمه الله - جملة من الأحاديث فى هذا المعنى ، منها ما رواه أبو داود فى سننه ، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا رقية إلا من عين أو حُمَه - أى:سم - ، أودم لا يرقأ ".
وروى الإمام مسلم فى صحيحه عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"العين حق ، ولو كان شئ سابَق القدر سَبَقَت العين ".
وعن ابن عباس - أيضا - قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين فيقول:"أعيذ كما بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامة - والهامة كل ذات سم يقتل - ، ومن كل عين لامة "".
وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"العين حق حتى لتورد الرجل القبر ، والجمل القدر ، وإن أكثر هلاك أمتى فى العين ".
وبعد:فهذا تفسير محرر لسورة "ن "نسأل الله - تعالى - أن يجعله خالصا لوجهه ، ونافعا لعباده .
والحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات ، وصلى الله عليه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . .