وما هو إلا ذكر للعالمين .
ما هو إلا تذكير للعالمين ،وبيان لجميع ما يحتاجون إليه من أمور دينهم ،فكيف يحكم على من أنزل عليه القرآن بالجنون ،والقرآن مشتمل على الذروة العليا من الفصاحة والبيان والتشريع والآداب وأخبار السابقين ،وحكم ما بين اللاحقين ،وأخبار القيامة والبعث ،وكلما تكرر حلا ،ولا تنقضي عجائبه ،وهو معجز بما فيه من علوم وفنون وأخبار وأحكام يصدّقها العلم ،ولا تتصادم مع العقل ،فهو حقّا تذكير للعامين ،وسبيل من سبل الهداية لأهل المشارق والمغارب .
وقيل: معنى الذكر: الشرف والفضل ،لقوله تعالى: وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون .( الزخرف: 44 ) .
وإذا تأملنا السياق أدركنا أن المراد هو: الوحي والرسالة ودعوة الإسلام تذكير للعالمين .
كما قال سبحانه وتعالى: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين .( الأنبياء: 107 ) .
وقد ادعى المستشرقون أن القرآن في مكة كان محليّا للعرب ،فلما انتقل المسلمون إلى المدينة وأصبحت لهم دولة ،بدأ النبي صلى الله عليه وسلم يكاتب الملوك ويدعوهم للإسلام ،واتجه القرآن إلى العالمية ،وإذا علمنا أن سورة القلم من أوائل ما نزل بمكة أدركنا أن عالمية الدعوة كانت وهي في بدايات أمرها ،فهي دعوة الله إلى الناس كافة .
قال تعالى: وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون .( سبأ: 28 ) .