ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ تارة وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً تارة أخرى.
أى:أنه- عليه السلام- توخى ما يظنه يؤدى إلى نجاح دعوته، وراعى أحوالهم في ذلك، فهو تارة يدعوهم جهرا، وتارة يدعوهم سرا، وتارة يجمع بين الأمرين.
قال صاحب الكشاف:فإن قلت:ذكر أنه دعاهم ليلا ونهارا، ثم دعاهم جهارا، ثم دعاهم في السر والعلن، فيجب أن تكون ثلاث دعوات مختلفات حتى يصح العطف؟
قلت:قد فعل- عليه السلام- كما يفعل الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، في الابتداء بالأهون والترقي في الأشد فالأشد، فافتتح بالمناصحة في السر، فلما لم يقبلوا ثنى بالمجاهرة، فلما لم تؤثر ثلث بالجمع بين الإسرار والإعلان.
ومعنى «ثم»:الدلالة على تباعد الأحوال، لأن الجهار أغلظ من الإسرار، والجمع بين الأمرين أغلظ من إفراد أحدهما.. .