[1] لما أخبر تعالى في آخر سورة النساء أن اليهود لما نقضوا المواثيق التي أخذها عليهم حَرَّمَ عليهم طيبات أُحِلَّتْ لهُم، ناسب افتتاح هذه السورة بأمر المؤمنين الذين اشتد تحذيره لهم منهم بالوفاء الذي جلُّ مبناه القلب.
وقفة
[1] سورة المائدة أجمع سورة في القرآن لفروع الشرائع من التحليل والتحريم والأمر والنهي.
لمسة
[1] تأمل -أيها المؤمن- في سطرين فقط، وفي آية واحدة: نداء وتنبيه، أمر ونهي، تحليل وتحريم، إطلاق وتقييد، تعميم واستثناء، وثناء وخبر، فسبحان من هذا كلامه!
لمسة
[1] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ لماذا أمرنا الله تعالى بالوفاء بالعقود ولم يقل لنا إلتزموا أمر الله؟ الإيفاء أن تعطي وتؤدي ما عليك كاملًا من غير نقص، ولا شك أن ذلك لا يتحقق إلا إذا أدَّيت زيادة على القدر الواجب، فالوفاء بالعقد يتطلب منك حرصًا ومبالغة في أداء ما تعهدت به، والعقد هو الالتزام الواقع بين جانبين في فعل ما.
وقفة
[1] جاءت عقود كثيرة في سورة النساء منها: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ [النساء: 4]، ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾ [النساء: 33]، ﴿وَاعْبُدُوا اللَّـهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ [النساء: 36]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ﴾ [النساء: 43]، ثم قال جلَّ شأنه في مستهل سورة المائدة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾؛ تناسب بديع.
وقفة
[1] لو تتبَّعنا النِّداء في القرآن الكريم كاملًا لوجدنا أنَّه ورد النِّداء بوصف الإيمان ثمانية وثمانين مرَّة، ورد في سورة المائدة فقط ستةَ عَشَرَ مرَّة، ومنه هذه الآية التّي في أوَّل السُّورة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾.
وقفة
[1] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ 16 نداء بوصف الإيمان؛ فلنتأمل هذه النداءات، ونعرض أنفسنا عليها، فهي إما أوامر ينبغي أن نأتمر بها، أو نواهٍ ينبغي أن ننتهي عنها؛ فهل نحن نأتمر وننتهي بها؟!
وقفة
[1] ﴿أوفوا بالعقود﴾ مِن الخَطأ أن يُقال إنَّ العَقد شريعةُ المتعاقدين، وإنَّما العقد الَّذي هو شريعةُ المتعاقدين هو ما كان موافقاً للكِتَاب والسُّنة، وما خالفهما فليس بمشروع.
وقفة
[1] ﴿أوفوا بالعقود﴾ يجب الوفاء بالعقود، ويحرم إغراء العامل وتخبيبه على كفيله بما يخالف مقتضى العقد: «فالمسلمون على شروطهم».
وقفة
[1] ﴿أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ﴾ الأصل هو حِلُّ الأكل من كل بهيمة الأنعام، سوى ما خصه الدليل بالتحريم، أو ما كان صيدًا يعرض للمحرم في حجه أو عمرته.
عمل
[1] راجع الأطعمة التي تأكلها، واحذر الأطعمة المشتبهة والمحرمة؛ فإنها ضرر على الدين والعقل والجسم ﴿أحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ ٱلْأَنْعَٰمِ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّى ٱلصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ﴾.
وقفة
[1] ﴿غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ﴾ فيه تحريم الصيد في الإحرام.
وقفة
[1] من الإيمان أن يُسَلِّم المرء بالأحكام الشرعية، ولا يعارضها، ولا يجعل عقله حاكمًا في التحليل والتحريم ﴿إِنَّ اللَّـهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ﴾.
وقفة
[1] ﴿يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ﴾ أي: من تحليل وتحريم وغيرهما، فما فهمتم حكمته فذاك, وما لا فَكِلُوه إليه, وارغبوا في أن يُلْهِمَكُم حِكمَتَه.