[1] قال العلماء: «هذه السورة أصل في محاجاة المشركين وغيرهم من المبتدعين، ومن كذب بالبعث والنشور، وهذا يقتضي إنزالها جملة واحدة؛ لأنها في معنى واحد من الحجة».
وقفة
[1] ﴿ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ ما أجملها من كلمة حين تسمعها بأصوات المرضى الخافتة، وعلى شفاه النفوس المتعبة يقولون: «يا رب لك الحمد» في غمرات الألم!
وقفة
[1] ﴿ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ﴾ أخلصوا الحمد والشكر للذي خلقكم أيها الناس، وخلق السماوات والأرض، ولا تشركوا معه في ذلك أحدًا أو شيئًا؛ فإنه المستوجب عليكم الحمد بأياديه عندكم ونعمه عليكم، لا من تعبدونه من دونه، وتجعلونه له شريكًا من خلقه.
[1] ﴿ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ﴾ أكثر من حمد الله سبحانه وتعالى؛ فإن حمد الله وشكره من أعظم العبادات التي تقربك إليه.
وقفة
[1] كل ما في القرآن العظيم من الظلمت والنور: فالكفر والإيمان, إلا ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾, فالمراد ظلمة الليلة ونور النهار.
عمل
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ السورة بكاملها تفسير لهذه الآية الأولى، فمن أراد أن يفقه معنى: (الحمد لله رب العالمين)؛ فليقرأ سورة الأنعام.
وقفة
[1] ﴿خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَ﴾ فعل (خَلَقَ) أليق بالإنشاء من العدم، وفعل (جَعَلَ) أليق بإيجاد الأعراض، وهي تتضمن تكوين شيء من شيء، فالظلمات مثلًا تتولد من اختفاء الشمس عن الأرض، والنور يتكون من بزوغ الشمس على الأرض.
لمسة
[1] ﴿خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَ﴾ الفرق بين الفعلين (خلق) و(جعل): (خلق) معناه أحدث فحسب، وأما (جعل) فمعناه: أحدثه متکررًا.
وقفة
[1] ﴿وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَ﴾ لماذا قدم الظلمات على النور؟ لفتة علمية: إشارة إلى أن الظلام وجد قبل النور، وهو ما أكده العلماء اليوم، ولأن الظلام في الكون أكبر بكثير من النور، حيث يحوي الكون أكثر من 96 ٪ مادة مظلمة.
لمسة
[1] ﴿وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَ﴾ لماذا جمع (الظلمات) وأفرد (النور)؟ الجواب: أما من جعل الظلمات: الكفر، والنور: الإيمان، فظاهر؛ لأن أصناف الكفر كثيرة، والإيمان شىء واحد، ومن قال: بأن المراد حقيقتهما، فلأنه يقال: رجل نور، ورجال نور، فيقال للواحد وللجماعة، وواحد الظلمات: ظلمة، فجمعت جمع التأنيث، ولأن حقيقة النور واحدة، وحقائق الظلمات مختلفة.
وقفة
[1] ﴿وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَ﴾ خص الله بالذكر عرضين عظيمين من أعراض السموات والأرض، وهما الظلمات والنور، وذاك لاستواء جميع الناس في إدراكهما والشعور بهما، وفي الاقتصار عليهما تعريض بحاليّ المخاطبين في الآية، فالظلمات تماثل الكفر؛ لأنه انغماس في الجهالة والحيرة، أما الإيمان فيشبه النور؛ لأنه استبانة الهدى والحق.
لمسة
[1] ﴿ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَ﴾ ذكر الله الظلمات بالجمع؛ لكثرة موادها وتنوع طرقها، ووَحَّد النور لكون الصراط الموصلة إلى الله واحدة لا تعدد فيها؛ وهي الصراط المتضمنة للعلم بالحق والعمل به.
وقفة
[1] ﴿ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ أي يجعلون الله عدلًا يحبونه ويقدسونه ويسوون بينه وبين الله في المحبة والتعظيم، مع أن شرکاءهم لم يشبهوا الله في شيء من الكمال، وهم فقراء عاجزون ناقصون من كل وجه، وهذا تسفيه من الله لكل صاحب شرك جلي أو خفي.
وقفة
[1] ﴿ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ دالة على قبح فعل الكافرين؛ لأن المعنى أن خلق السموات والأرض قد تقرر، وآياته قد سطعت، وإنعامه بذلك قد تبين، ثم بعد ذلك كله عدلوا بربهم، فهذا کما تقول: يا فلان أعطيتك وأكرمتك وأحسنت إليك، ثم تشتمني!
وقفة
[1] ﴿ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ رَدٌّ بأوضح دليل على صحة البعث بعد الموت، فبداية خلقكم كان طين جامد لا حياة فيه، وأنتم بنفوسكم أعرف، والتعامي عن الدليل الأوضح أقبح.