قوله تعالى{وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين}
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله:{وأرسلنا الرياح لواقح} يقول: لواقح للسحاب ،وإن من الريح عذابا ،وإن منها رحمة .
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى{فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه}
بين تعالى في هذه الآية الكريمة عظيم منته بإنزال الماء من السماء وجعله إياه عذبا صالحا للسقيا وبين ذلك أيضا في مواضع أخر كقوله:{أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون} وقوله{هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات}
وقوله:{وأنزلنا من السماء ماء طهورا لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا} إلى غير ذلك من الآيات .
قال البخاري: حدثنا أحمد بن أبي بكر ،قال: حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن ،عن يزيد عن سلمة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتدت الريح يقول"اللهم لاقحا لا عقيما ".
( الأدب المفرد ح718 ) .وأخرجه أيضا أبو يعلى ( كما في المطالب العالية المسندة ق122 أ ) ،وابن السني في عمل اليوم والليلة ( رقم300 ) ،وابن حبان في صحيحه ( الإحسان3/288ح1008 ) والطبراني في الكبير ( 7/37 رقم6296 ) ،والحاكم في المستدرك ( 4/285-286 ) من طرق عن مغيرة ابن عبد الرحمن به ،وقال الحاكم: إسناد صحيح على شرط الشيخين ،وأقره الذهبي والمغيرة لم يروي له مسلم ،كما ذكر الألباني في صحيحه ( 5/91 ) وليس عند البخاري سوى حديث قد توبع فيه ( انظر هدى الساري ص445 ) وقال الهيثمي في المجمع ( 10/135 ): رواه الطبراني في الكبير والأوسط ،ورجاله رجال الصحيح غير مغيرة بن عبد الرحمن وهو ثقة .قلت: تقدم أن البخاري روى له متابعة ،وقد اختلف فيه ،وقال الحافظ: صدوق فقيه كان يهم ( التقريب ص543 ) ،قال الألباني: فحسب حديث مثله يكون حسنا أما الصحة فلا ( الصحيحه5/91 ح2058 ) ومع ذلك فقد أورده في صحيح الأدب المفرد ( 553/718 ) وقال صحيح .وحكى محقق المطالب العالية ( 3/239 ) عن البوصيري أنه قال: رجاله ثقات ) .
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى{وما أنتم له بخازنين} فيه للعلماء وجهان من التفسير كلاهما يشهد له قرآن الأول:{وما أنتم له بخازنين} أي ليست خزانته عندكم بل نحن الخازنون له ننزله متى شئنا وهذا الوجه تدل عليه آيات كقوله:{وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم} وقوله:{ولله خزائن السموات والأرض} الآية ،ونحو ذلك من الآيات .
الوجه الثاني: أن معنى{وما أنتم له بخازنين} بعد أن أنزلناه عليكم أي لا تقدرون على حفظه في الآبار والعيون والغدران بل نحن الحافظون له فيها ليكون ذخيرة لكم عند الحاجة ويدل لهذا الوجه قوله تعالى:{وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض} وقوله{قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين} وقوله{أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا} وقوله{ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض} الآية ،إلى غير ذلك من الآيات .