قوله: ( وأرسلنا الرياح لواقح ) اللواقح جمع لاقح بمعنى حامل .نقول: ناقة لاقح ،أي حامل ؛فقد شبهت الريح التي تحمل السحاب الماطر بالناقة الحامل ؛لأنها"الريح "حاملة لذلك السحاب أو للماء الذي فيه .
ويجوز أن تكون لواقح بمعنى ملاقح ،جمع ملقحة .وهو من ألقح الفحل الناقة إذا ألقى ماءه فيها لتحمل .أو من ألقحت الريح الشجر .والمراد ملقحات للسحاب أو للشجر ؛أي أن اللواقح ،التي تلقح السحاب حتى يحمل الماء ،وهي أيضا التي تلقح الشجر حتى يثمر .لا جرم أن هذا شاهد مبين ينطق بأن هذا الكلام رباني وأنه معجز .فمن أين لمحمد ( ص ) ،وهو العربي الأمي في بيئته البدائية الأمية أن يعي وحده مثل هذه الحقيقة العلمية في تلقيح النبات لولا أنه يوحى إليه بذلك من ربه ؟!وما كانت البشرية في ذلك الزمان لتعلم أن عملية الإثمار في الشجر يسبقها عملية التلقيح لإيناع الشجر وتحصيل الثمر ،وذلك على نمط ما يجري في بقية الكائنات الحية .
قوله: ( فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه ) بعد إنشاء السحاب الماطر عن طريق الريح الملقحة أنزلنا عليكم المطر المدرار لتستقوا منه ماء عذبا سائغا ،ولتستقي منه مزارعكم ومواشيكم .وذلك من نعم الله الكبيرة على الناس .النعم التي تقتضي دوام الشكر لله الباسط العاطي الذي لا تنقضي آلاؤه ولا تنحصي نعماؤه .
قوله: ( وما أنتم له بخازنين ) أي لستم قادرين أن تمنعوا نزول الماء من السماء .وقيل: لستم بقادرين على إيجاد الماء وخزنه في السحاب وإنزاله مطرا سائغا عذبا إلى الأرض ؛بل نحن القادرون على منع ذلك .